وقد بيَّن الرَّسولُ -صلَّى الله عليه وسلَّم- اختلافَ القلوب والمشاعر، في الإيمان والكفر والنفاق، وقسم البشر إلى أنواعٍ تتباعد عواطفُهم وتتنافر أحاسيسهم، فعن أبي سعيد الخدري -رضي الله تعالى عنه- قال: قال رسول الله -صلَّى الله عليه وسلَّم- ((القلوبُ أربعةٌ: قلبٌ أجردُ فيه مثلُ السِّراج يُزهر، وقلب أغلفُ مربوطٌ على غلافه، وقلبٌ منكوسٌ، وقلبٌ مُصفَّحٌ. فأمَّا القلبُ الأجرَد، فقلبُ المؤمنِ سراجُه فيه نورٌ. وأمَّا القلب الأغلف فقلب الكافر. وأما القلب المنكوس فقلب المنافق، عَرَفَ ثم أنكر. وأما القلب المُصْفَح، فقلبٌ فيه إيمانٌ ونفاق فمثل الإيمان كمثل البقلة يمدُّها الماء الطيب، ومثل النفاق فيه كمثل القُرحة يمدُّها القيح والدَّم، فأيُّ المادتين غلبت على الأخرى غلبت عليه)). مسند الإمام أحمد.
وقد بيَّن القرآن الكريم، أنَّ انشراح الصدر بمشاعر الإسلام، وأنَّ صدق العواطف بالإيمان، إنَّما هو بتوفيق الله، وأنَّ انقباضَ الصَّدر وتوتُّرَ النَّفس واضطرابَ الأحساسيس، إنَّما هو عقابٌ وغضبٌ من الله، بسبب انصراف القلوب عن طاعته، قال تعالى:
{فَمَنْ يُرِدِ اللَّهُ أَنْ يَهْدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلإِسْلامِ وَمَنْ يُرِدْ أَنْ يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقاً حَرَجاً كَأَنَّمَا يَصَّعَّدُ فِي السَّمَاءِ كَذَلِكَ يَجْعَلُ اللَّهُ الرِّجْسَ عَلَى الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ} [الأنعام:125].
ولقد صوَّر القرآن الكريم المؤمنين بأنَّهم أصحابُ مشاعر حسَّاسة وعواطف صادقة، تقشعرُّ جلودهم، وتلينُ قلوبُهم لسماعهم للذِّكر الحكيم، وأنَّ الكافرين ذوو عواطف متبلِّدة، وقلوب قاسية مُتَحَجِّرة، قال تعالى:
{أَفَمَنْ شَرَحَ اللَّهُ صَدْرَهُ لِلإِسْلامِ فَهُوَ عَلَى نُورٍ مِنْ رَبِّهِ فَوَيْلٌ لِلْقَاسِيَةِ قُلُوبُهُمْ مِنْ ذِكْرِ اللَّهِ أُولَئِكَ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ * اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَاباً مُتَشَابِهاً مَثَانِيَ تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ ذَلِكَ هُدَى اللَّهِ يَهْدِي بِهِ مَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ} [الزمر:22 - 23].