ثمرة فيه، كما هو شأن العالَم المعاصر، الذي فقد اتِّزانه وأفسد حواسه وعقله، بالفن الهابط والأدب الساقط والقول المبتذل، قال -تعالى- عن عناصر التمكين في الأرض ونتائج إفسادها:
{وَلَقَدْ مَكَّنَّاهُمْ فِيمَا إِنْ مَكَّنَّاكُمْ فِيهِ وَجَعَلْنَا لَهُمْ سَمْعاً وَأَبْصَاراً وَأَفْئِدَةً فَمَا أَغْنَى عَنْهُمْ سَمْعُهُمْ وَلا أَبْصَارُهُمْ وَلا أَفْئِدَتُهُمْ مِنْ شَيْءٍ إِذْ كَانُوا يَجْحَدُونَ بِآياتِ اللَّهِ وَحَاقَ بِهِمْ مَا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ * وَلَقَدْ أَهْلَكْنَا مَا حَوْلَكُمْ مِنَ الْقُرَى وَصَرَّفْنَا الآياتِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ} [الأحقاف:-26 - 27].
وقد تحدَّث القرآن الكريم عن مشاهد الخزي والذل والهوان يوم القيامة، لمن ضلَّت قلوبهم وعقولهم، قال تعالى:
{وَلا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ غَافِلاً عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ إِنَّمَا يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الْأَبْصَارُ * مُهْطِعِينَ مُقْنِعِي رُؤُوسِهِمْ لا يَرْتَدُّ إِلَيْهِمْ طَرْفُهُمْ وَأَفْئِدَتُهُمْ هَوَاءٌ} [إبراهيم:42 - 43].
واستكمالاً لمشهد الحواس والقلوب يوم القيامة، يقول الله تعالى:
{وَأَنْذِرْهُمْ يَوْمَ الآزِفَةِ إِذِ الْقُلُوبُ لَدَى الْحَنَاجِرِ كَاظِمِينَ مَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ حَمِيمٍ وَلا شَفِيعٍ يُطَاعُ * يَعْلَمُ خَائِنَةَ الْأَعْيُنِ وَمَا تُخْفِي الصُّدُورُ} [غافر:18 - 19].
ممَّا سبق من هذه الآيات، يتَّضح مدى الارتباط الوثيق، وتبعة المسؤولية، وتحمُّل الثَّواب والعقاب، لكلٍّ من الحواس ومراكز التفكر والتدبر في الإنسان.
يحظَى العقلُ في رحاب الإسلام، بمنزلة كريمةٍ ومرتبةٍ عالية، فبسببه كرَّم اللهُ الإنسان واستخلفه في أرضه وائتمنه على بعض أسرار كونه، وفضَّله على كثيرٍ من خلقه، قال تعالى:
{وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلاً} [الإسراء:70].