فهذه الآيات تَلفتُ نظر البشر وحواسَّهم، إلى مشاهد الجمال في الكون، ممَّا يُعمِّق مشاعر الإيمان، ويوسِّع مدارك الحواس، فلقد انتكست الإنسانيَّة في هذا العصر، بسبب وسائل الإعلام، حيث جعلت الجمال يقتصر على توجُّه الحواس للمرأة دون غيرها، وإلى إثارة غرائزها وعرض مفاتنها، وأغمض الناس أعينهم عن رؤى الجمال في كل مظاهر الحياة من حولهم، سواء كان جمالاً حسياً فيما يرون ويسمعون، أو جمالاً معنوياً في فضائل الخير ... قال -تعالى- مشيراً إلى حركة الكون وحسن مشاهده:
{فَانْظُرْ إِلَى آثَارِ رَحْمَتِ اللَّهِ كَيْفَ يُحْيِي الأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا إِنَّ ذَلِكَ لَمُحْيِي الْمَوْتَى وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} [الروم:50].
ثالثاً: آثار المنهج الحسي في الدَّعوة إلى الله:
للمنهج الحسي أثرٌ عميق وتأثيرٌ ملموس على المدعُوِّين، حيث يحملهم على الإيمان بالله إيماناً صادقاً، يتَّضح ذلك للأسباب التالية:
1 - سرعة التأثير على الإنسان؛ لاعتماده على الحواس التي تتصل بالمظاهر من حوله اتصالاً مباشراً، وتنقل تلك المشاهدات للعقل مباشرة، حيث يقتنع ويُصَدِّقُ ويسلم بقدرة الله في الأنفس والآفاق.
2 - عمق التَّأثير في النَّفس، لمعاينتها الشيءَ المحسوس، فتتفاعلَ معه، فإنَّ اشتراك الحواسِّ في تلقِّي أمرٍ من الأمور الدِّينيَّة أو الدُّنيويَّة ومعاينته، يُوَلِّد في النَّفس القَبول، وفي الصدر الانشراح، وفي العقل الاقتناع.
3 - اتساع دائرة المنهج الحسي، لاشتراك البشر جميعاً. فالحواس الخمس تجتمع وتتواجد بصورة متماثلة في الناس أجمعين، قال -تعالى- عن هذا الخلق البديع:
{أَلَمْ نَجْعَلْ لَهُ عَيْنَيْنِ * وَلِسَاناً وَشَفَتَيْنِ * وَهَدَيْنَاهُ النَّجْدَيْنِ} [البلد:8 - 10].