بسم الله الرحمن الرحيم

الدرس السابع

(أحوال العرب والعالم قبل الإسلام)

1 - العربُ والعالم قبل الإسلام

التَّعريف بالعرب

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله الَّذي بفضله تتمُّ الصَّالحات، وبتوفيقه تستقيمُ الأقوالُ والأفعالُ، وبرحمته تُرفع الدَّرجات، قال تعالى:

{يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ}،

والصلاة والسلام على أشرف الخلق وخاتم الرُّسل، الدَّاعي إلى الله بالحكمة والموعظة الحسنة، وعلى آله وأصحابه، ومن دعا بدعوته إلى يوم الدِّين، ... وبعد:

تمهيد:

فبحمد الله وتوفيقه، قد أنهينا محاضرات المستوى الأول، تناولنا فيها موضوعات تضمنت التَّعريف بالدَّعوة إلى الله، وصلة علم الدَّعوة بالعلوم الأخرى، وأنَّ الدَّعوة وظيفة الرُّسل، وهي من أشرف المهام وأعظمها، وأنَّها ماضيةٌ إلى قيام الساعة.

ثم تناولنا في ثنايا هذه المحاضرات، قضيَّة الأمر بالمعروف والنَّهي عن المنكر، وارتباطهما بالدَّعوة إلى الله، وأوضحنا بشيء من التَّفصيل التَّعريف بهما وبأركانهما، وضوابط وضمانات وشروط الأمر بالمعروف والنَّهي، ودرجاته، ثم ذكرنا الأضرار السيئة النَّاجمة عن تقاعس الأمة عن الأمر بالمعروف والنَّهي عن المنكر.

ولقد اشتملت محاضرات المستوى الأول أيضاً، على خصائصِ دعوة الإسلام، وتفرُّدها وتميُّزها عن الرِّسالات السَّماويَّة السَّابقة، والشَّرائع والنُّظم الحديثة، كذلك ذكرنا ما ينبغي أن يتَّصف به الدُّعاة من أخلاق فاضلة، وسلوكٍ مهذَّب وإعدادٍ علميٍّ وثقافيٍّ واسع.

ولقد عدَّدنا المصادر الأصليَّة للثَّقافة الإسلاميَّة.

وخُتمت محاضرات المستوى الأول، ببيانِ قواعد الإفتاء وشروط المفتي، ووجوبِ أن يجمع الدُّعاة إلى الله بين فضيلتي الدَّعوة والفتوى، من خلال الفهم الصَّحيح لقواعد الإسلام وأُسُسِه، والتَّفقُّه في الدِّين، والتَّعرُّف على أحكامه.

ونحمد الله تعالى، على ما وفقنا إليه وهدانا، ... ،

وها نحن اليوم، نبدأ مستعينين بالله ومعتمدين عليه -سبحانه وتعالى- في أولى محاضرات المستوى الثَّاني، لمادَّة أصول الدَّعوة وطرقها، والَّتي سنتناولُ فيها: منهج الرَّسول -صلَّى الله عليه وسلَّم- في الدَّعوة إلى الله، ونوضح الأسس الَّتي قامت عليها -أي الدَّعوة إلى الله-، والوسائل الَّتي اتبعتها، ونبيِّن أحوال المدعوِّين، واختلاف موقفهم من الدَّعوة، وسوف تشمل -إن شاء الله- كيف تتمُّ الدَّعوة للمجتمعات غير الإسلاميَّة، وما هي المقوِّمات النَّظريَّة والتَّدريبات العمليَّة لوسائل الإقناع، كالخطابة والمحاضرة، والمناظرة ... إلخ.

هذه في إيجاز رؤوس الموضوعات، الَّتي سنوضحها بين ثنايا المحاضرات، وستكون أولى هذه المحاضرات اليومَ تعريفاً بالعرب والعالم، قبل دعوة الرَّسول -صلَّى الله عليه وسلَّم- لنقفَ من خلالها على البيئة الَّتي نشأت في أحضانها الدَّعوةُ إلى الإسلام، واستطاعت بالمنهج القويم إخراجَ النَّاس من الظُّلُمات إلى النُّور، وسوف تتضمَّن المحاضراتُ العناصرَ التَّالية:

1 - الموقعُ الجغرافيُّ:

يقطن العرب مناطق شبه الجزيرة العربيَّة، وهي أرض صحراويَّة شاسعة، تقع في جنوبيِّ غربيِّ آسيا، ويفصلها البحر الأحمر عن قارة إفريقيا، وتشغل المملكة العربيَّة السُّعوديَّة معظمَها، وتشمل الأجزاءَ الأخرى كلٌّ من اليمن وعمان والإمارات العربيَّة والكويت وقطر، كما تشغل البحرين جزيرةً تقع بالقرب من ساحل شبه الجزيرة الشَّرقيِّ.

ومساحة شبه الجزيرة العربيَّة واسعة، وتغطي الأراضي القاحلة معظم أرجائها، كما يندر هطول المطر في بعض أجزائها، وقد تبلغ حرارتها الداخليَّة قُرابة (54 درجة) في فصل الصَّيف.

وإنَّما غلب عليها اسمُ الجزيرة العربيَّة؛ لأنَّ خطَّاً من المياه النَّهريَّة يبدأ بشط العرب، فالفرات فنهر العاص فبحيرة لوط، وينتهي بخليج العقبة، يؤلف حدَّها الشماليَّ، ويكمل الإطار المائي الَّذي يحيط بها من جهاتها الأخرى: خليج البصرة وعمان من الشرق، والبحر العربي وخليج عدن من الجنوب، والبحر الأحمر من الغرب.

هذا على أنَّ الهلال الخصيب -وهو القوس الممتدُّ من رأس الخليج الفارسيِّ، إلى زاوية البحر المتوسط الشرقيَّة والجنوبيَّة- يشكل كتلة الجزيرة العربيَّة الأصليَّة،

طور بواسطة نورين ميديا © 2015