بسم الله الرحمن الرحيم

الدرس السادس

(قواعد الإفتاء، وشروط إصدار الفتوى)

1 - قواعد الإفتاء، وشروط إصدار الفتوى

تعريف الإفتاء في اللغة والاصطلاح

بسم الله الرحمن الرحيم.

الحمد لله الذي بفضله تَتمّ الصالحات، وبتَوفيقه تُزكَّى الأعمال وتُرفَع الدرجات، قال تعالى: {يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ}.

وأشهد أن لا إله إلاّ الله وحده لا شريك له، يُؤتي الحِكمة من يَشاء، ومَن يُؤت الحِكمة فقد أوتي خَيراً كثيراً وما يذَّكر إلاّ أولو الألباب.

والصلاة والسلام على أشرف الخلْق وخاتم الرسل، وعلى آله وأصحابه الذين تفقّهوا في دين الله، وبلَّغوا دَعوته، فكانوا خَير دُعاة لها وأمناء عليها. أما بعد:

فهذه المحاضرة الثلاثون، نختم بها -إن شاء الله- محاضرات المستوى الأول لِمادة "أصول الدّعوة وطُرقها"، وقد تقدّمتها محاضرات عن التعريف بالدّعوة إلى الله، وعن مَدى حاجة الإنسانية إليها. ثم تناولت قواعد الأمر بالمَعروف والنّهي عن المُنكر، ثم عرَّجت المحاضرات على أخلاق الدّعاة وما يَجب أن يتحلّوا به من فضائل، وما ينبغي أن يتزوّدوا به من علوم شرعيّة ومعارف إنسانية، وثقافة واسعة تَشمل كلّ ما يتعلّق بالأمّة الإسلامية.

ووجوب وجود الدّاعية المُفتي

الغَرض من هذه المحاضرة:

- الانتقال بالدّاعية من دائرة الوعْظ والإرشاد والأمر بالمَعروف والنهي عن المُنكر فقط، إلى دَائرة أوسع وأشمل، وهي: دائرة الدّاعية الفَقيه المُجتهد، الذي يُفتي الناس على عِلْم وتَمكّن من أحكام الشريعة، والذي يَجمع بين فضيلتَيِ الدّعوة والفتوى، حيث يُحرِّك عواطف الناس بحُسن بيانِه ورَوعة أدائه، وفي نَفس الوَقت يُفقِّهُهم في أمور دِينهم، ويُجيب على تساؤلاتهم، ويُساهِم مساهمة فعّالة بربط الموضوعات الدّعويّة بالقضايا الفِقهية. وبهذا ينال شرَف القيام بأحسن عمل، قال تعالى: {وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلاً مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحاً وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ}.

- وأن يَتحقّق له ما أخبر به الرسول -صلى الله عليه وسلم- من خَير يناله بالتَّفقه في دين الله، حَيث قال: ((مَن يُردِ الله به خَيراً يُفقِّهْهُ في الدِّين)).

- وليَسير الدّعاة على نَهج عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما-، حينما دعا له -صلى الله عليه وسلم-: ((اللهمّ فَقِّهْهُ في الدِّين، وعَلِّمْهُ التّأويل)).

تعريف "الإفتاء" في اللغة والاصطلاح:

جاء في "لسان العرب" لابن منظور: أفتاه في الأمر، أي: أبانه له، وأفتاه في المسألة، يُفتيه: إذا أجابه. والاسم: "الفَتوى". واستفتيْتُه فأفتاني إفتاءً. و"الفَتوى": اسم يُوضع مَوضع الإفتاء. و"الفَتوى" و"الفُتيا": ما أفتى به الفَقيه.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015