والمدينة. وبجانب ذلك، فيجب على الدّاعية أن يدرس الغزوات والفتوحات خلال تاريخ الإسلام، وأن يقف على أسباب انتصارات المسلمين، وأسباب هزيمتهم.

هذه بعض المصادر الأصلية، والعلوم الشرعية، التي ينبغي أن يتزوّد بها الدّعاة إلى الله، لكي تتّسع معارفُهم وتنمو ثقافتهم؛ وبهذا ينفسح أمامهم ميدان الدّعوة وتكثر موضوعاتها، ويخرجون من دائرة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر إلى دائرة أشمل وأوسع.

أمّا عن ثقافة العصر، ودراسة المذاهب والتيارات المعاصرة، فهذا موضوع المحاضرة القادمة -إن شاء الله-.

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

2 - ثقافة الدّعاة إلى الله

العلوم الاجتماعيّة

الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ وَلَهُ الْحَمْدُ فِي الآخِرَةِ وَهُوَ الْحَكِيمُ الْخَبِيرُ * يَعْلَمُ مَا يَلِجُ فِي الأَرْضِ وَمَا يَخْرُجُ مِنْهَا وَمَا يَنْزِلُ مِنَ السَّمَاءِ وَمَا يَعْرُجُ فِيهَا وَهُوَ الرَّحِيمُ الْغَفُورُ}.

والصلاة والسلام على أشرف الخلْق وخاتم الرسل، الذي علّمه الله ما لم يكن يعلم، وكان فضل الله عليه عظيماً. وبعد:

هذا، وما يجب ملاحظته: أن الدّعاة إلى الله ليس لهم حدّ من الثقافة يقفون عنده، ولا يقتصرون على نوع من العلوم والمعارف لا يتجاوزونه؛ وإنّما هم بِحُكم عملهم، وبحجم الرسالة التي يقومون ويتشرّفون بحمل أعبائها ويتحمّلون تبعاتها، يجب عليهم أن يكونوا دائرة معارف واسعة متحرّكة، ومكتبةً علمية ثقافية متنقّلة، يجد كلّ شخص عندهم ما يحتاجه من أجوبة لما يدور في عقله من أسئلة عن الدِّين والدنيا، وأن يكونوا كماء النهر العذب الذي يروي ظمأ كلّ من يغترف منه. والأمر لا يقتصر على علوم الشريعة الإسلامية فقط، ولكن ينبغي أن يتّسع عقله وفكره وثقافته لِيشمل العلوم الإنسانية التي لها عميق الصّلة بجوانب الحياة الاجتماعية، ولا سيما في هذا العصر الذي تقدّمت فيه وسائل المواصلات والاتصالات، وأصبح العالَم قرية صغيرة يُسمع ويُشاهد ما يدور من أحداث في أنحاء المعموة لحظة وقوعه، وغدَتْ حدود الدّول وسماؤها مفتوحة على كلّ الثقافات والحضارات.

ولم يَعُد في مقدور أيّ دولة مهما كانت قوّتها، أن توصد الحدود وتغلق الأبواب في وجه الغزو الفكري؛ فالقنوات الفضائية والبثّ الإعلامي المباشر يقتحم على

طور بواسطة نورين ميديا © 2015