ويصف الدكتور محمد كامل الفقي عن أثر اللغة العربية على الدعاة ممّن تخرّجوا في رحاب الأزهر، وانساحوا إلى أقطار العالم الإسلامي وجامعاته ومعاهده، فتربّتْ على أيديهم أجيال وأجيال أصبحوا رواد الفكر في كلّ قطر، وزعماء اليقظة والنهضة في كلّ بلد، يقول: "فلقد كان الأزهر -ولا يزال- عكاظ الأمّة العربية، وميدان فرسان البلاغة. ولقد تهيّأ لكثير من الأزهريِّين مِن طول المراس، واعتياد القول، ومعاطاة الحوار والوعظ والجدل، رصانة في الأسلوب، ودقّة في التعبير، وسموّ في البيان، وطلاقة في اللسان، وفيض في الخواطر، وتدفّق في المشاعر، واقتدار على المباغتة والمفاجأة. وإنك لتسمع إلى خطبائهم البارعين فيخيّل إليك أنك تسمع في البادية عَربها الفصحاء، ومقاويلها البلغاء، يخطبون فيتسابقون، ويرتجلون فينافسون. يقف الخطيب منهم فتجده لا يتلكّأ ولا يتلعثم، ولا يعيد قولاً أو يكرّر جملة، أو يمسح عثنوناً، رصين الأداء، بليغ الحجة، سليم العبارة، مُحكَم الدليل. يزين خطابه درٌ من الكتاب المبين، ويُشرق في حديثه الأدب النبوي، ويلمح في جنباته روائع من أدب العرب وشعرهم".

هذه الصورة المتألِّقة التي يصفها الدكتور الفقي للدّعاة ينبغي أن يتّصف بها كثير من العاملين في ميدان الدّعوة، ويمكن تحصيلها بالوسائل التالية:

أولاً: حفظ القرآن الكريم، وتذوّق أساليبه، وتدبّر معانيه، والوقوف على وجوه إعجازه وشرائعه.

ثانياً: تعميق الصّلة بالأدب النّبوي الكريم الذي له أثر على أداء الدّعاة، لما ينفرد به -صلى الله عليه وسلم- من فصاحة التّكلّم، وروعة المنطق، ودقّة التعبير. فقد أوتيَ -صلى الله عليه وسلم- جوامع الكلِم.

ويتحدّث أديب العربية المرحوم أحمد حسن الزيات عن بلاغة الرسول -صلى الله عليه وسلم-، وما ينبغي على الدّعاة أن يحذوا حذْوه ويقتفوا أثره، في الفصاحة وحسن البيان،

طور بواسطة نورين ميديا © 2015