هـ- أعطى الله الرسول -صلى الله عليه وسلم- سلطة تنفيذ الأحكام، قال تعالى: {وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ}.
فمرتبة السّنّة تلي القرآن الكريم في التشريع، ودلّ على هذا: ما رُوي عن معاذ -رضي الله عنه-: ((أن النبي -صلى الله عليه وسلم- سألَه حين بعثه لليمن: كيف تقضي إن عرض عليك قضاء؟))، قلت: أقضي بما في كتاب الله. قال: فإن لم يكن في كتاب الله؟ قلت: أقضي بما قضى به رسول الله -صلى الله عليه وسلم-. قال: فإن لم يكن قضى به رسول الله؟ قلت: أجتهد رأيي ولا آلو -أي: لا أقصّر-. فضرب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- صدري وقال: الحمد الله الذي وفّق رسولَ رسولِ الله لِما يُرضى رسولَ الله)).
وعلى هذا المنهج، سار صحابة رسول الله -صلى الله عليه وسلم-. ومِن ذلك: ما روي عن عمر بن الخطاب -رضي الله عنه-: أنه كتب إلى القاضي شريح: "إذا أتاك أمر، فاقض بما في كتاب الله. فإن أتاك ما ليس في كتاب الله، فاقْضِ بما سَن فيه رسول الله -صلى الله عليه وسلم-".
بجانب هذيْن المصدريْن الرئيسيَّيْن: القرآن والسُّنّة، توجد مصادر أخرى تنبثق منهما، ولا تخرج عن حدودهما. من ذلك:
1 - الإجماع، ويُعرّف لدى علماء الفقه والأصول: "اتّفاق المجتهدين من الأمّة الإسلامية في عصر من العصور، بعد وفاة الرسول -صلى الله عليه وسلم-. ومستند الإجماع قد يكون من القرآن والسّنة. وقد يكون قياس ما ليس له دليل على نظير له دليل. وقد يستند الإجماع إلى العُرف المنضبطة ثقافته وفكره وسلوكه بثوابت الإسلام، وليس يراد به العرف المعاصر الذي فقَد هويّته وانقطعت صِلَته بثوابته الشرعية.
وممّا أجمعت عليه الأمّة بعد وفاة الرسول -صلى الله عليه وسلم-: قتال المُرتدِّين، وجمع القرآن. والإجماع ممكن في هذا العصر من خلال المجامع الفقهية التي يشترك فيها فقهاء