فالمرتبة الأولى من مراتب الإيمان بالقدر: الإيمان بعلم الله الشامل المحيط بكل شيء.
والمرتبة الثانية: الإيمان بأن الله -سبحانه وتعالى- قد كتب ما علمه من أحوال عباده في كتاب محفوظ عنده في سمائه كما قال تعالى: {أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ إِنَّ ذَلِكَ فِي كِتَابٍ إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ} (الحج: 70)، وقال تعالى: {مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي أَنْفُسِكُمْ إِلَّا فِي كِتَابٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَهَا إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ} (الحديد: 22)، وقال تعالى: {وَمَا تَكُونُ فِي شَأْنٍ وَمَا تَتْلُو مِنْهُ مِنْ قُرْآنٍ وَلَا تَعْمَلُونَ مِنْ عَمَلٍ إِلَّا كُنَّا عَلَيْكُمْ شُهُودًا إِذْ تُفِيضُونَ فِيهِ وَمَا يَعْزُبُ عَنْ رَبِّكَ مِنْ مِثْقَالِ ذَرَّةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي السَّمَاءِ وَلَا أَصْغَرَ مِنْ ذَلِكَ وَلَا أَكْبَرَ إِلَّا فِي كِتَابٍ مُبِينٍ} (يونس: 61).
عن عبد الله بن عمرو -رضي الله عنهما- قال: سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: ((إن الله تعالى كتب مقادير الخلائق قبل أن يخلق السموات والأرض بخمسين ألف سنة))، وعن عبادة بن الصامت -رضي الله عنه- قال: "سمعتُ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: ((إن أول ما خلق الله القلم فقال له: اكتب. قال: ربي وماذا أكتب؟ قال: اكتب مقادير كل شيء حتى تقوم الساعة)). وعن ابن عباس -رضي الله عنهما- قال: ((كنت خلف رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يومًا فقال: يا غلام، إني أعلمك كلمات: احفظ الله يحفظك، احفظ الله تجده تجاهك، إذا سألت فاسأل الله، وإذا استعنت فاستعن بالله، واعلم أن الأمة لو اجتمعت على أن ينفعوك بشيء لم ينفعوك إلا بشيء قد كتبه الله لك، ولو اجتمعوا على أن يضروك بشيء لم يضروك إلا بشيء قد كتبه الله عليك، رُفعت الأقلام وجفّت الصحف)).
أما المرتبة الثالثة من مراتب الإيمان بالقدر، فهي: الإيمان بإرادة الله تعالى ومشيئته: أن يؤمن العبد أن كل شيء يجري بتقدير الله تعالى ومشيئته، ومشيئته تنفذ لا مشيئة العباد إلا