وأتيا النبي -صلى الله عليه وسلم- فاعترفا عنده فرجمهما، وكما فعل سلمة بن صخر البياضي لما ظاهر من امرأته، ثم وقع عليها قبل أن تنتهي مدة الظهار، فجاء النبي -صلى الله عليه وسلم- فسأله فأخبره النبي -صلى الله عليه وسلم- بما يجب عليه مما ذكره الله تعالى في صدر سورة المجادلة كل ذلك إنما تم لشعور المسلم بقدسية الشريعة، وعظمة الدين؛ لأنه دين رباني من عند الله رب العالمين.
الخاصية الرابعة من خصائص الإسلام الوسطية:
قال الله تعالى: {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وسَطًا لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ ويَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا} (البقرة: 143) الوسط: اسم لما بين طرفي الشيء، وقد يطلق على ما له طرفان مذمومان كالجود بين البخل والسرف، وقد يطلق على ما له طرف محمود، وآخر مذموم كالجودة، والرداءة تقول في الشيء: هذا وسط بين الحسن، والرديء فالوسط الخيار فوسط الوادي خير مكان فيه، ويقال: فلان وسط في قومه إذا كان أوسطهم نسبًا، وأرفعهم مجدًا.
وقد جاء في صفة نبينا -صلى الله عليه وسلم- أنه كان من أوسط قومه أي: خيارهم، وقد جعل الله تعالى أمته وسطًا أي خيارًا، والمقصود بالتوسط أن يتحرى المسلم الاعتدال، ويبتعد عن التطرف في الأقوال، والأفعال بحيث لا يغلو، ولا يقصر، ولا يفرط، ولا يفرط فإن الإفراط، والتفريط مذمومان، وقد نهى الله عنهما، وذم أهلهما قال الله تعالى: {فَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ ومَنْ تَابَ مَعَكَ ولَا تَطْغَوْا} (هود: 112).
وعن ابن عباس -رضي الله عنهما- قال: قَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- غَدَاةَ الْعَقَبَةِ وَهُوَ عَلَى رَاحِلَتِهِ: ((هَاتِ الْقُطْ لِي فَلَقَطْتُ لَهُ حَصَيَاتٍ هُنَّ حَصَى الْخَذْفِ فَلَمَّا وَضَعْتُهُنَّ