أو اللغة أو اللون أو الحرفة أو الغنى أو الفقر، وأقام ميزان التفاضل على أساس التقوى، والعمل الصالح كما نطق به كتاب ربنا: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وأُنْثَى وجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ} (الحجرات: 13)، ومن الأحاديث المشهورة قول النبي -صلى الله عليه وسلم- حين شفع فيه أو عنده أسامة بن زيد ألا يقطع يد المرأة المخزومية التي سرقت قام في الناس خطيبًا، وقال: ((لو أن فاطمة بنت محمد سرقت لقطعت يدها)). وبلغت دقة تطبيق هذا المبدأ إلى حد أن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنكر على مسلم عربي قوله لمسلم غير عربي: "يا ابن السوداء"، واعتبر هذا القول من بقايا الجاهلية الأولى.

وواضح من ذلك أن التشريع الإسلامي ارتفع إلى أعلى مستوى من العدالة، والمساواة في نظرته إلى الأفراد، وإن اختلفوا في الجنس، واللون، واللغة، وغير ذلك، وطبق هذا المبدأ فعلًا في واقع الحياة بينما ونحن في القرن العشرين في عصرنا الحاضر، وبالرغم من الضجيج الهائل في العالم حول المساواة، وتسطير هذا المبدأ في دساتير الدولة، فإنه لا يزال مجرد كلام لا نصيب له في الواقع إلا الشيء القليل؛ لأنه من صنع البشر.

ويترتب أيضًا على كون الإسلام رباني أي: من عند الله رب العالمين أن الإسلام يظفر بقدر كبير جدًّا من الهيبة، والاحترام من قبل المؤمنين به مهما كانت مراكزهم الاجتماعية، وسلطاتهم الدنيوية؛ لأن هذه السلطات، وتلك المراكز لا تخرجهم من دائرة الخضوع لله تعالى واحترام شرعه، وطاعة هذا الشرع طاعة اختيارية تنبعث من النفس، وتقوم على الإيمان، ولا يكره عليها المسلم كرهًا، وفي هذا ضمان عظيم لحسن تطبيق القانون الإسلامي، وعدم الخروج عليه، ولو مع القدرة على هذا الخروج.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015