أمرهما أن يرفقا بالملك، وأن يدعواه بالحكمة، والموعظة الحسنة فخالف الصاحبان النصيحة، فدخلا على الملك فأغلظا له القول، وعنفاه فأخذهما الملك، وحبسهما، وآذاهما فقال لهما نستور: "ما مثلكما إلا كمثل امرأة لم تلد حتى كبرت سنها فولدت فاستعجلت شباب ولدها لتنتفع به فأطعمته أكثر مما يطيق فقتلته فلم تحقق هدفها". ومن هنا قيل: من استعجل الشيء قبل أوانه عوقب بحرمانه. فيتأكد على الداعية أن يرفق بالمدعوين حتى يقبلوا عليه، ويلتفوا حوله، وينتفعوا في دعوته، وأن يدخلوا في دين الله -عز وجل.
كما يتأكد الرفق في حق أفراد الأسرة بعضهم ببعض فيرفق الرجل بامرأته فلا يكلفها ما لا تطيق، وإذ كلفها أعانها كما قال تعالى: {وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ والتَّقْوَى} (المائدة: 2) عن إبراهيم عن الأسود قال: سألت عائشة -رضي الله عنها- ما كان النبي -صلى الله عليه وسلم- يصنع في أهله؟ قالت: "كان في مهنة أهله فإذا حضرت الصلاة قام إلى الصلاة".
وعلى المرأة أن ترفق بزوجها فلا تطلب منه ما لا يملك، ولا تكلفه ما لا يجد، وعلى كل من الرجل، والمرأة أن يرفق بالأولاد فلا يعنفهم، ولا يوبخهم، ولا يسبهم، ولا يشتمهم، ولا يضربهم، ولا يكلفهم ما لا يطيقون، وتمتد دائرة الرفق لتشمل كل ذي سلطان في سلطانه فيجب على كل ذي سلطان أن يرفق بمن في سلطانه، وألا يكلفهم ما لا يطيقون، وأن يعفو عن ذلاتهم، ويقيل عثراتهم؛ فإن النبي -صلى الله عليه وسلم- دعا لكل سلطان رفيق فقال: ((اللهم من ولي من أمر أمتي شيئًا فشق عليهم فاشقق عليه، ومن ولي من أمر أمتي شيئا فرفق بهم فارفق به)).
فينبغي على كل ذي سلطان أن يرفق بمن في ولايته، وتحت سلطانه حتى تشمله هذه الدعوة المباركة: ((اللهم من ولي من أمر أمتي شيئًا فشق عليهم فاشقق عليه، ومن ولي من أمر أمتي شيئًا فرفق بهم فارفق به)).
ولا تقتصر دعوة الإسلام إلى الرفق على البشر فقط بل تمتد لتشمل الرفق بالحيوان، عن أبي هريرة -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ((بينما رجل يمشي بطريق