اشتد عليه العطش فوجد بئرًا فنزل فيها فشرب، ثم خرج فإذا كلب يلهث -يأكل الثرى من العطش- فقال الرجل: لقد بلغ هذا الكلب من العطش مثل الذي كان بلغ مني فنزل البئر فملأ خفه ماء، ثم أمسكه بفيه حتى رقي فسقى الكلب، فشكر الله له فغفر له قالوا: يا رسول الله، وإن لنا في هذه البهائم لأجرًا فقال: في كل كبد رطبة أجر)).
وعن عبد الله -رضي الله عنه- قال: ((كنا مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في سفر فانطلق لحاجته فرأينا حمرة معها فرخان فأخذنا فرخيها؛ فجاءت الحمرة فجعلت تفرش، فجاء النبي -صلى الله عليه وسلم- فقال: من فجع هذه بولدها؟ ردوا، ولدها إليها)).
وعن عبد الله بن جعفر -رضي الله عنه- قال: ((دخل رسول الله -صلى الله عليه وسلم- حائطًا لرجل من الأنصار؛ فإذا جمل فلما رأى النبي -صلى الله عليه وسلم- حن وزرفت عينا الجمل، فأتاه النبي -صلى الله عليه وسلم- فمسح بفراه فسكت، فقال: من رب هذا الجمل لمن هذا الجمل؟ فجاء فتى من الأنصار فقال: لي يا رسول الله، فقال: أفلا تتقي الله في هذه البهيمة التي ملكك الله إياها فإنه شكا إلي أنك تجيعه، وتدئبه)).
بل إن النبي -صلى الله عليه وسلم- أخبر أن الله يعذب الذين يعذبون الحيوان، عن أبي هريرة -رضي الله عنه- عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ((دخلت امرأة النار في هرة ربطتها فلا هي أطعمتها، ولا هي أرسلتها تأكل من خشاش الأرض حتى ماتت))، فلنتحلى جميعًا بالرفق، ولنتخلى عن العنف فما كان الرفق في شيء إلا زانه، وما نزع من شيء إلا شانه، وما رأينا الذين اتخذوا العنف طريقًا لهم في الدعوة جنوا ثمرة من ثمار دعوتهم بل جلبوا لأنفسهم الشر، والبلاء، ولم يقتصر الشر، والبلاء الذي تسببوا فيه عليهم بل امتد ليشمل غيرهم من الأبرياء.
وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.