فالمؤمن السارب في الحياة هدف لمشاكلها الجمة أما العاجز الهارب من الميدان فماذا يصيبه؟ وذلك هو سر قول النبي -صلى الله عليه وسلم-: ((من يرد الله به خيرًا يصيب منه))، وقوله -صلى الله عليه وسلم-: ((إن الله إذا أحب قوما ابتلاهم)) فالمتعارض لآلام الحياة يدافعها، وتدافعه أرفع عند الله درجات من المنهزم القابع بعيدًا لا يخشى شيئًا، ولا يخشاه شيء، وما ادخره الله تعالى لأولئك العانين الصابرين يفوق ما ادخره لضروب العبادات الأخرى من ثواب جزيل، وفي الحديث: ((يؤد أهل العافية يوم القيامة حين يعطى أهل البلاء ثواب لو أن جلودهم كانت قرضت بالمقاريض)).

من الأخلاق التي يجب على الداعية أن يتخلق بها التضحية

فعليك أيها الداعية بمخالطة الناس، والأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر، والتضحية لهذا الدين مهما كلفتك التضحية، ولك في رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وأصحابه الأسوة الحسنة فلقد بذل النبي -صلى الله عليه وسلم- من أجل هذه الدعوة الكثير، والكثير، وعانى من أجلها أيضًا الكثير، والكثير، ولقي من الظلم، والاضطهاد، والتعذيب الشيء الكثير، وكتب السيرة مليئة بهذه الصور صور الاجتهاد، والتعذيب التي لاقاها النبي -صلى الله عليه وسلم- وأصحابه من أجل قيامهم بواجب الدعوة إلى الله، والأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر.

من هذه الصور ما رواه البخاري عن عبد الله قال: ((بينما رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قائمًا يصلي عند الكعبة، وجمع من قريش في مجالسهم إذ قال قائل منهم: ألا تنظرون إلى هذا المرائي أيكم يقوم إلى جذور آل فلان فيعمد إلى فرثها، ودمها، وسلاها فيجيء به، ثم يمهله حتى إذا سجد، وضعه بين كتفيه فانبعث أشقاهم فلما سجد رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وضعه بين كتفيه، وثبت النبي -صلى الله عليه وسلم- ساجدًا فضحكوا حتى مال

طور بواسطة نورين ميديا © 2015