من الرسول، والذين آمنوا معه من الرسول الموصول بالله، والمؤمنين الذين آمنوا بالله إن سؤالهم جميعًا: متى نصر الله؟ إن هذا السؤال ليصور مدى المحنة التي تزلزل مثل هذه القلوب الموصولة، ولن تكون إلا محنة فوق الوصف تلقي على ظلالها على مثل هاتيك القلوب فتبعث منها ذلك السؤال المكروب متى نصر الله؟

وعندما تثبت القلوب على مثل هذه المحنة المزلزلة عندئذ تتم كلمة الله، ويجيء النصر من الله ألا إن نصر الله قريب، ولكنه مدخر لمن يستحقونه، ولن يستحقه إلا الذين يثبتون حتى النهاية الذين يثبتون على البأساء، والضراء الذين يصمدون للزلزلة الذين لا يحنون رءوسهم للعاصفة الذين يستيقنون ألا نصر إلا نصر الله، وعندما يشاء الله، وحتى حين تبلغ المحنة ذروتها فهم يتطلعون فحسب إلى نصر الله لا إلى أي حل آخر، ولا إلى أي نصر لا يجيء من عند الله، ولا نصر إلا من عند الله بهذا يدخل المؤمنون الجنة مستحقين لها جديرين بها بعد الجهاد، والامتحان، والصبر، والثبات، والتجرد لله وحده، والشعور به وحده، وإغفال كل ما سواه، وكل من سواه.

إن الصراع والصبر عليه يهب النفوس قوة، ويرفعها على ذواتها، ويطهرها في بوتقة الألم فيصفو عنصرها، ويضيء، ويهب العقيدة عمقا، وقوة، وحيوية فتتلألأ حتى في أعين أعدائها، وخصومها، وعندئذ يدخلون في دين الله أفواجًا كما وقع، وكما يقع في كل قضية حق يلقى أصحابها ما يلقون في أول الطريق حتى إذا ثبتوا للمحنة انحاز إليهم من كانوا يحاربونهم، وناصرهم أشد المناوئين، وأكبر المعاندين على أنه حتى إذا لم يقع هذا يقع ما هو أعظم منه في حقيقته يقع أن ترتفع أرواح أصحاب الدعوة على كل قوى الأرض، وشعورها، وفتنتها، وأن تنطلق من إيثار الحرص على الدعة، والراحة، والحرص على الحياة نفسها في النهاية، وهذا الانطلاق كسب للبشرية كلها، وكسب للأرواح التي تصل إليه

طور بواسطة نورين ميديا © 2015