والكون مسيّر ومدبّر دائمًا بقدرة الله، فالله سبحانه هو الذي رتَّب سنن الكون، فبقي وما زال قائمًا على تسيير الله وتدبيره أمره يمده بقوته، ويمسك السماء أن تقع على الأرض إلا بإذنه: {إِنَّ اللَّهَ يُمْسِكُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ أَنْ تَزُولا وَلَئِنْ زَالَتَا إِنْ أَمْسَكَهُمَا مِنْ أَحَدٍ مِنْ بَعْدِهِ إِنَّهُ كَانَ حَلِيمًا غَفُورًا} (فاطر: 41)، {وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ تَقُومَ السَّمَاءُ وَالأَرْضُ بِأَمْرِهِ ثُمَّ إِذَا دَعَاكُمْ دَعْوَةً مِنْ الأَرْضِ إِذَا أَنْتُمْ تَخْرُجُونَ} (الروم: 25)، {وَهُوَ الْقَاهِرُ فَوْقَ عِبَادِهِ وَيُرْسِلُ عَلَيْكُمْ حَفَظَةً حَتَّى إِذَا جَاءَ أَحَدَكُمْ الْمَوْتُ تَوَفَّتْهُ رُسُلُنَا وَهُمْ لا يُفَرِّطُونَ} (الأنعام: 61)، وكذلك الإنسان قد رتب الله سننًا اجتماعية لحياته؛ فأرسل على أساسها الرسل وعذب الأمم وأهلك بعضها، ورتب آجالها، وغيَّر أحوالها يقول سبحانه: {قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِكُمْ سُنَنٌ فَسِيرُوا فِي الأَرْضِ فَانْظُروا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُكَذِّبِينَ} (آل عمران: 137). والكون كله قانت لله كما قال سبحانه: {وَقَالُوا اتَّخَذَ اللَّهُ وَلَدًا سُبْحَانَهُ بَلْ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ كُلٌّ لَهُ قَانِتُونَ * بَدِيعُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَإِذَا قَضَى أَمْرًا فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ} (البقرة: 117 - 117).

والقنوت معناه الطاعة والخضوع والانقياد، فإذا كان الكون كله بما فيه من الكائنات والجمادات خاضعًا لربه مستسلمًا له، منقادًا فأجدر بالإنسان العاقل المفكر أن يعترف لربه بالنعمة والفضل، ويستشعر عظمته، ويسبح بحمده ويقدس له، كما يمتاز الدين الإسلامي بأن جعل الإنسان يستخدم ما حوله من الكائنات وقوى الكون، ولفت نظره إلى أنه مسلط عليها بإذن الله، وأن الله قد سخرها له من أكبر الأجرام التي تؤثر في حياته كالشمس إلى أصغر الكائنات التي يستطيع الاستفادة منها كالنحل والذرة، يقول تعالى: {اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ وَأَنزَلَ مِنْ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجَ بِهِ مِنْ الثَّمَرَاتِ رِزْقًا لَكُمْ وَسَخَّرَ لَكُمْ الْفُلْكَ لِتَجْرِيَ فِي الْبَحْرِ بِأَمْرِهِ وَسَخَّرَ لَكُمْ الأَنهَارَ * وَسَخَّرَ لَكُمْ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015