الملاحظة والبحث، والفؤاد معناه تنقيتها من أدرانها وأوشابها، ثم استخلاص النتائج منها، وهذه القوى الثلاث إذا تضافرت بعضها على بعض نجمت عنها المعرفة التي منَّ الله بها على بني آدم، والتي بها وحدها استطاع الإنسان أن يهزم سائر المخلوقات ويسخرها لإرادته.
وندَّد الله تعالى بالذين لا يستفيدون من سمعهم وأبصارهم وأفئدتهم فقال عز وجل: {وَلَقَدْ ذَرَأْنَا لِجَهَنَّمَ كَثِيرًا مِنْ الْجِنِّ وَالإِنسِ لَهُمْ قُلُوبٌ لا يَفْقَهُونَ بِهَا لَهُمْ قُلُوبٌ لا يَفْقَهُونَ بِهَا وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لا يُبْصِرُونَ بِهَا وَلَهُمْ آذَانٌ لا يَسْمَعُونَ بِهَا أُوْلَئِكَ كَالأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ أُوْلَئِكَ هُمْ الْغَافِلُونَ} (الأعراف: 179).
ومن هذه الأدوات التي منحها الله تعالى الإنسان حتى يتعلم اللسان والقدرة على البيان، والقلم والقدرة على الكتابة قال تعالى: {أَلَمْ نَجْعَلْ لَهُ عَيْنَيْنِ * وَلِسَانًا وَشَفَتَيْنِ} (البلد: 8، 9)، وقال تعالى: {الرحمن علم القرآن خلق الإنسان علمه البيان}، وقال جل جلاله: {ن والقلم وما يسطرون}، ومن أهم أهداف التفكير والتعلم عند الإنسان أن يتعلم الناس شريعة الله قال الله تعالى: {رَبَّنَا وَابْعَثْ فِيهِمْ رَسُولًا مِنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِكَ وَيُعَلِّمُهُمْ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُزَكِّيهِمْ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ} (البقرة: 129).
ومن هذه الأهداف أن يتفكروا في خلق السموات والأرض وفي أنفسهم كما قال تعالى: {آيَاتٌ لِلْمُوقِنِينَ * وَفِي أَنفُسِكُمْ أَفَلا تُبْصِرُو نَ} (الذاريات: 20، 21)، وقال تعالى: {فَلْيَنظُرْ الإِنسَانُ مِمَّ خُلِقَ} (الطارق: 5)، وقال سبحانه {أَفَلا يَنْظُرُونَ إِلَى الإِبِلِ كَيْفَ خُلِقَتْ * وَإِلَى السَّمَاءِ كَيْفَ رُفِعَتْ * وَإِلَى الْجِبَالِ كَيْفَ نُصِبَتْ * وَإِلَى الأَرْضِ كَيْفَ سُطِحَتْ} (الفجر: 17 - 20)، وقال سبحانه: {قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الأَعْمَى وَالْبَصِيرُ أَفَلا تَتَفَكَّرُونَ} (الأنعام: 50)، وفي كل هذه الآيات دليلٌ على أن الله