هو من أجزائه وصلب كيانه، أو يؤخذ بعضه دون بعض كما فعلت بنوا إسرائيل، وأن يحذر أن تشوَّه تعاليمه في العقيدة أو العبادة، والأخلاق، أو التشريع، فتعرض على غير حقيقتها ممسوخة محرفة بفعل الجهل أو الهوى.
كما شوّهت فكرة القضاء والقدر في العقيدة، أو فكرة الحج في العبادة، أو فكرة الزهد في الأخلاق، أو فكرة الطلاق وتعدد الزوجات، وغير ذلك، وأن يحذر أن يختل التوازن بين قيمه وتعاليمه فيُعطى بعضها دون حقه، ويأخذ بعضها الآخر أكثر من حقه، ويقدم ما يستحق التأخير، ويؤخر ما يستحق التقديم، مع أن الإسلام قد أعطى كل عمل من الأعمال، وكل واحد من تعاليمه قيمة، وسعرًا خاصًّا؛ فلا توضع الفروع موضع الأصول، ولا تحتل النوافل مكان الفرائض، ولا تقدم أعمال الجوارح على أعمال القلوب، ولا تؤثر قُربات الفردية القاصرة على العبادات الاجتماعية المتعدية، بل يوضع كل شيء في مرتبته الشرعية دون غلوّ ولا تقصير، وإلا اضطربت المعاير وقُدّم ما حقه التأخير. ومن هنا ينبغي عند دراسة النظام الإسلامي أو الكتابة تفادي هذه الأخطار الأربعة من الزيادة فيه، أو النقص منه، أو التشويه له، أو الاختلال بتوازنه.
كما أن من الثقافة اللازمة للداعية الثقافة التاريخية، فالتاريخ هو ذاكرة البشرية وسجل أحداثها، وديوان عبرها، والشاهد العدل لها أو عليها. ويهمنا في ذلك تاريخ الإسلام والأمة الإسلامية خاصة، وتاريخ الإنسانية بصفة عامة أعني: المواقف الحاسمة منه، والملامح الرئيسية فيه؛ لأنه لا يُتصوّر أن يدرس الإنسان تاريخ البشرية كافة ولو كان متخصصًا، فكيف بغير المتخصص، وإنما يحتاج الداعية إلى التاريخ لأمور منها: