وإذا كان على الداعية أن يتعلم علم الفقه؛ فإنه من باب أولى عليه أيضًا أن يلُمَّ بعلم أصول الفقه حتى يعرف الأدلة المتفق عليها بين فقهاء الأمة وهي الكتاب والسنة، والأدلة التي اختلف فيها فذهب الجمهور إليها وهي الإجماع والقياس، والأدلة الأخرى التي هي محل خلاف عند الأصوليون منها الاستحسان والاستصحاب، وشرع ما قبلنا وقول الصحابي إلى غير ذلك، وإذا كان الكتاب والسنة هما الأصلين والمصدرين الأساسيين؛ فكيف تستنبط منهما الأحكام، ومن يجوز له الاستنباط ويجب عليه، ومن يحل له التقليد أو يحرُم عليه، كل هذا ونحوه إنما يُعرف من كتب أصول الفقه مثل: (جنة الناظر) لابن قدامة، و (إرشاد الفحول) للشوكاني، و (أصول الفقه) للخضري، و (علم أصول الفقه) لخلَّاف.

كما أن على الداعية أن يهتمّ بدراسة العقيدة، وعليه أن يحذر كل الحذر من أن يأخذ العقيدة من كتب أهل الكلام، بل عليه أن يأخذ العقيدة من كتب أهل السنة الذين ساروا في عقيدتهم على منهج التابعين والصحابة الذين أخذوا العقيدة من رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بواسطة الكتاب والسنة الصحيحة؛ لهذا نريد من دارس العقيدة أن يهتمَّ بما يلي: أن يكون كتاب الله تعالى وما يبين من صحيح السنة هو المصدر الفذّ للعقيدة المنشودة بعيدًا عن الشوائب، والزوائد، والفضول التي لحقت بها على مر العصور.

ثانيًا: أن يتبع منهج القرآن في مخاطبة العقل والقلب معًا من أجل تكوين الإيمان الصحيح، فبناء العقيدة على العقل وحده كما هو اتجاه الفلاسفة، أو على القلب وحده كما هو اتجاه الصوفية لا يتفق مع شمول المنهج الإسلامي الذي يقوم الإيمان فيه على اقتناع العقل وانفعال القلب وصدق الإرادة.

ثالثًا: الاهتمام بأدلة القرآن التي ذكرها لإثبات معتقداته وإقناع مدعويه، والرد على خصومه، وتفنيد ما يثيرونه من شبهات ومفتريات.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015