أولًا: ليستطيع أن يجيب السائلين عن الحلال والحرام، وشئون العبادة، والأسرة، ونحوها فإنما يسألونه عما يحتاجون إليه في عبادتهم لربهم، وفي معاملة بعضهم بعضًا؛ فلا بد من معرفة الفقه، ولتمكنه هذه المعرفة من تصحيح ما يقابله من أخطاء، وتقويم ما يواجههم من انحرافات في ضوء الأحكام الشرعية، فإذا رأى بعض البدع الفاشية أو المنكرات السائدة أو الأخطاء الدينية الشائعة؛ واجهها بعلم وفقه لا بمجرد غضب وعاطفة.
كما أننا نوصي الداعية في هذا المجال أن يحرص على ربط الأحكام بأدلتها من الكتاب والسنة، وما أرشد إليها من اعتبارات أخرى كالإجماع والقياس والاستصلاح والاستحسان، وغيرها من أدلة ما لا نص فيه، والفقهاء قد عرفوا الفقه بأنه معرفة الأحكام الشرعية المأخوذة من أدلتها التفصيلية؛ فلا فقه إلا بدليل على أن الدليل يكسو الحكم أو الفتوى نورًا وجمالًا، ويمكنُ للداعية أن ينتفع بكتب فقه الحديث مثل (الإحكام) لابن دقيق العيد و (نيل الأوطار) للشوكاني، و (سبل السلام) للصنعاني، و (الروضة الندية) لصديق حسن خان، وأن ينتفع بالكتب الشيخين ابن تيمية وابن القيم وغيرهما. ومثل ذلك كتب الفقه التي تعنى بالدليل والترجيح ومناقشة الآخرين كـ (المغني) لابن قدامة، و (المجموع) للنووي، و (الاستذكار) لابن عبد البر، و (المحلى) ابن حزم، وغير ذلك.
وإذا كان الداعية ملتزمًا بمذهب من المذاهب الفقهية المتبوعة فلا يمنعه هذا من التعرّف على أدلة مذهبه؛ ليطمئن قلبه، ولا مانع من ترك مذهبه في بعض المسائل التي لا يجد عليها دليلًا، أو يجد عليها دليلًا ضعيفًا لا ينتهض للاحتجاج به، ولا يجوز للداعية أن يدع السنة الصحيحة الصريحة بحجة تقيده بمذهبه كما