لكن لا بد من التذكير بأن للسيرة مصادر أخرى فأعظمها هو القرآن الكريم، وتفاسيره، وثانيها كتب الحديث وكتب الشمائل والهدي النبوي، وكتب التاريخ العام، وكتب دلائل النبوة، وما نبهنا عليه في شأن القرآن من العناية بجمع الآيات في الموضوع الواحد ومحاولة تصنيفها وتقسيمها على أجزاءه، وعناصره ننبه عليه هنا أيضًا فيما يتعلق بالأحاديث، وعلى الداعية وهو يبلغ السنة أن يحذر من سوء الفهم للأحاديث، وأن يحذر من الأحاديث الضعيفة والموضوعة، وأن يحذر من القصص الباطلة، وأن يحذر من حملة التشكيك التي تتطعن في السنة وتزهد فيها، التي قام بها المستشرقون وأذنابهم. على الداعية أن يكون على حذر من هذه الحملة، وأن يقف كالجبل الشامخ يذبّ عن سنة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وينافح عنها، ويبين منزلتها في الدين.
وعلى الداعية أيضًا أن يتجنب الأحاديث التي تُشكّل على جمهور الناس، ولا تسيغها عقولهم وثقافاتهم؛ لأن لها تفسيرات وتأويلات قد لا يفهمونها، وربما كانت أعلى من مستواهم، فليس من فقه الداعية أن يتلو على مسامع الناس هذه الأحاديث بغير ضرورة تقتضيها، ولا مناسبة توجبها، بل الداعية الفقيه هو الذي يُعنى بالأحاديث التي لا صلة بواقع الناس ويتحرى البعد عن المتشابهات والمشكلات، وما لا تبلغه عقول الناس، وعليه أيضًا أن يحذر من التفسيرات الباطلة لسنة النبي -صلى الله عليه وسلم- وأن يهتم بمعرفة فقه الحديث وأحكامه، كما فهمها السلف الصالح ودوّنها لنا في شروح السنة التي أشرنا إليها سابقًا.
ومن المهم للداعية بعد الاهتمام بالقرآن والسنة أن يهتم بعلم الفقه بحيث يعرف أهم الأحكام الشرعية في العبادات والمعاملات والآداب، وذلك مهم للداعية من نواحي عدة: