كثيرة امتلأت بالأحاديث الضعيفة، بل والموضوعة التي قد تطعن في القرآن وفي النبي -عليه الصلاة والسلام- ومن سبقه من الأنبياء، فليكن الداعية وهو يطالع كتب التفسير على حذر من هذه الروايات الضعيفة والموضوعة. كما أن عليه أن يحذر الأقوال الضعيفة بل الفاسدة في بعض الأحيان، وهي أقوال صحيحة النسبة إلى قائليها من جهة الرواية، ولكنها سقيمة أو مردودة من جهة الدراية، هذا هو المصدر الأول لثقافة الداعية وهو القرآن الكريم، وما ينبغي للداعية تجاه القرآن الكريم وعلومه.

أما المصدر الثاني لثقافة الداعية فهو السنة: فالسنة هي شارحة القرآن والمبينة له، والمفصلة لما أُجمل فيه، وفيها يتمثل التفسير النظري والتطبيق العملي لكتاب الله -عز وجل- فقد قال الله تعالى لرسوله محمد -صلى الله عليه وسلم-: {وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِم} (النحل: 44)، وقال سبحانه: {وَمَا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ إِلَّا لِتُبَيِّنَ لَهُمُ الَّذِي اخْتَلَفُوا فِيهِ وَهُدًى وَرَحْمَةً لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ} (النحل: 64).

ولقد سئلت أمنا عائشة -رضي الله عنها- عن خلق رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقالت: "كان خُلُقه القرآن". والسنة المصدر الثاني للثقافة الدينية للداعية المراد بها: أقوال النبي -صلى الله عليه وسلم- وأفعاله وتقريراته وأوصافه وسيرته، فهذه السنة بهذا الشمول هي سجل حافل لحياة النبي -صلى الله عليه وسلم- وجهاده في سبيل دعوته، حوت من جوامع الكلم وجواهر الحكم وكنوز المعرفة وأسرار الدين، وحقائق الوجود، ومكارم الأخلاق وروائع التشريع، وخوالد التوجيه، ودقائق التربية، وشوامخ المواقف، وآيات البلاغة ثروة طائلة هائلة لا تنفد على كثرة الإنفاق، ولا تبلى جدتها بكرّ الغداة ومرّ العشية.

ولا يستغني داعية يريد أن يحدث أو يدرس أو يحاضر أو يخطب أو يكتب عن الرجوع عن هذا المصدر الغني، والمنهل العذب؛ ليستقي منه بقدر ما يتسع

طور بواسطة نورين ميديا © 2015