عِبْرَةٌ لأُوْلِي الأَلْبَابِ} (يوسف: 111)، ولما سألوا النبي -صلى الله عليه وسلم- عن ذي القرنين، قال الله تعالى: {وَيَسْأَلُونَكَ عَنْ ذِي الْقَرْنَيْنِ قُلْ سَأَتْلُو عَلَيْكُمْ مِنْهُ ذِكْرًا} (الكهف: 83) أي: لن أسرد الوقائع والأحداث سردًا، وإنما سأتلوا عليكم من هذه القصة ما فيه الذكر والعبرة والمنفعة والقصص في القرآن الكريم كثير جدًّا، وقد صنفت فيه مصنفات وألفت فيه مؤلفات.

كذلك على الداعية أن يعنى بالنماذج القرآنية التي تصور لنا الشخصية الإنسانية في مختلف المجالات والأحوال، كنموذج الغني الشاكر في شخصية سليمان بن داود عليهما السلام، وكنموذج الحاكم أو الملك العادل في شخصية ذي القرنين رضي الله عنه، وكنموذج المبتلى الصابر الراضي بالقضاء في شخصية أيوب عليه السلام، وكنموذج الشاب المتعفف عن الحرام بالرغم من فتوته وجماله ونضرة شبابه وقوة الدواعي كيوسف عليه السلام، وكنموذج الشاب الممتثل لأمر الله -عز وجل- وإن أودى بحياته كإسماعيل عليه السلام، وكنموذج الداعية صاحب الرسالة الذي يُحكم عليه بالسجن ظلمًا فلا ينسيه الظلم ولا تنسيه الظلمة السجن أن يقوم بواجب الدعوة إلى الله مع السجناء كشخصية يوسف -عليه السلام.

نماذج كثيرة للشخصية الإنسانية امتلأ بها القرآن الكريم ينبغي للداعية أن يُعنى بها.

ومما ينبغي للداعية أن يتحرَّاه ويَحرص عليه ويُحكمه حسنُ الاستدلال بالقرآن وآياته على ما يريد تقريره، أو تثبيته بالأحكام، وتعاليم، وأفكار؛ فإنه إذا أحسن الاستدلال بالنص القرآني ووضعه في موضعه أزاح كل شبهة، وقطع كُل تعلة، وأخرص كل معارض، فلا دليل بعد القرآن ولا حديث بعد كلام الله {أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ حُكْمًا لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ} (المائدة: 50) {وَمَنْ أَصْدَقُ مِنْ اللَّهِ قِيلًا} (النساء: 122). كما يجب على الداعية أن يحضر ويحذر من

طور بواسطة نورين ميديا © 2015