فقال تعالى: {قُلْ لَئِنِ اجْتَمَعَتِ الْإِنْسُ وَالْجِنُّ عَلَى أَنْ يَأْتُوا بِمِثْلِ هَذَا الْقُرْآنِ لَا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيرًا} (الإسراء: 88).

ومن خصائص القرآن أنه كتاب الخُلود ليس كتاب جيل ولا كتاب عصر، ولا كتاب أجيال أو أعصار محدودة، بل هو الكتاب الخاتم للرسالة الخاتمة، ولهذا تكفَّل الله بحفظه فقال: {إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ} (الحجر: 9)، وقال {وَإِنَّهُ لَكِتَابٌ عَزِيزٌ * لا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلا مِنْ خَلْفِهِ} (فصلت: 42)، ومن خصائص القرآن الشمول، فكما أنه كتاب الزمن كله فهو كتاب الدين كله، جمع أصول الهداية الإلهية، والتوجيه الرباني في العقائد والشعائر والآداب والأخلاق، كما جمع أصول التشريع الإلهي في العبادات والمعاملات، وشئون الأسرة وعلاقات المجتمع الصغير والكبير، المحلي والدولي حتى إن أطول آية في القرآن أُنزلت لتنظم شأنًا من شئون الحياة الاجتماعية، وهي كتابة الدين.

وإلى جانب هذا هو كتاب الإنسانية كلها، وكتاب الحياة كلها، ولهذا جعله الله للناس وللعالمين كما قال تعالى: {شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِلنَّاسِ} (البقرة: 185)، وقال سبحانه: {إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرَى لِلْعَالَمِينَ} (يوسف: 104) فليس هو كتاب لجنس دون جنس، ولا لوطن دون وطن، ولا طائفة من الناس.

أودّ أن أنبه الداعية إلى عدة أمور: منها ضرورة العناية بالقصص القرآني وما اشتمل عليه من عبر وعظات وأسرار، وحكم بالغة، وعليه أن يعلم أن القرآن الكريم حين يقصّ القصص لا يهتَمُّ بذكر الأشخاص والبلدان، والتواريخ، ولا يهتم بالتفصيلات المملة؛ إنما يهتم برءوس العبر، ورسم ملامح الشخصيات التاريخية، واتجاهات الأحداث ونتائجها قال تعالى: {لَقَدْ كَانَ فِي قَصَصِهِمْ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015