بل إن مما يلزم الداعية الموفق أن يُحسن تلاوة القرآن بإتقان وترتيل كما أمر الله، وأن يدرس من أحكام التجويد ما يصحح به قراءته حتى يتلوه بخشوع وتأثر وحزن، فإن وجد بكاء بكى، وإلا تباكى.

والقرآن الكريم له خصائصه؛ فينبغي لمن يريد أن يفهم القرآن أن يقرأه، وهو يعي خصائصه ومميزاته، ويدركها بعقله وقلبه، من أولى هذه الخصائص: أنه كلام الله تعالى خالصًا غير مشوب بأوهام البشر، ولا بأهواء البشر، ولا بتحريفات البشر، وانحرافات البشر، هو كله من الله مائة في المائة من ألفه إلى يائه، ليس لجبريل -عليه السلام- منه إلا النقل، ولا لمحمد -صلى الله عليه وسلم- منه إلا التلقي والحفظ، ثم التبليغ والبيان، قال تعالى: {وَإِنَّهُ لَتَنْزِيلُ رَبِّ الْعَالَمِينَ * نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الأَمِينُ * عَلَى قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنْ الْمُنذِرِينَ * بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُبِينٍ} (الشعراء: 92 - 95).

ومن خصائص القرآن التيسير، فهو كتاب يسر الله تعالى تلاوته، ويسر فهمه، ويسر العمل به لمن أراد، لا يكلف الإنسان شططًا، ولا يرهقه من أمره عسرًا قال تعالى: {وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ} (القمر: 17)، قال بعض السلف: فهل من طالب علم فيُعان عليه، وقال تعالى: {فَإِنَّمَا يَسَّرْنَاهُ بِلِسَانِكَ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ} (الدخان: 58).

وكل هذا يوجب على الداعية أن يعرض القرآن سهل ميسر كما أنزله الله، ولا يضعه في إطار من الألغاز، والمعميات والتكلفات التي تُخرجه عن طبيعته المُيَسَّرة، والمُيَسِّرة كذلك، ومن خصائص القرآن أنه كتاب معجز أمر الله تعالى رسوله -صلى الله عليه وسلم- أن يتحدى به المشركين من العرب أن يأتوا بحديث مثله، أو بعشر سور مثله، أو بسورة مثله، أو من مثله، فغلبوا وانقطعوا، وسجَّل القرآن عليهم ذلك في جلاء وصراحة

طور بواسطة نورين ميديا © 2015