النوع الثاني: مبينة لمعاني القرآن ومفصلة لمجمله، ومن ذلك السنة التي بينت مناسك الحج، ونصاب الزكاة ومقدارها، ومقدار ما يقطع فيه السارق، ونحو ذلك مما سبقت الإشارة إليه.
النوع الثالث: قد تأتي السنة بأحكام مقيدة لمطلق القرآن أو مخصصة لعامه.
النوع الرابع: حُكم سكت عنه القرآن وجاءت به السنة؛ لأن السنة مستقلة بتشريع الأحكام، وأنها كالقرآن في هذا الباب يدل على ذلك قول النبي، صلى الله عليه وسلم: ((ألا إني أوتيت القرآن ومثله معه)) أي: أوتيت القرآن وأوتيت مثله من السنة التي لم ينطق بها القرآن، ولذلك قال صلى الله عليه وسلم: ((ألا وإن ما حرم رسول الله مثل ما حرم الله)).
ومن الأنواع التي بين النبي -عليه الصلاة والسلام- ولم تأت في القرآن تحريم الحمر الأهلية، وتحريم أكل كل ذي ناب من السباع ومخلب من الطير، والحكم بشاهد ويمين، وجواز الرهن في الحضر، ووجوب الدية على العاقلة، وميراث الجدة ونحو ذلك.
ما هي دلالة السنة على الأحكام؟ عرفنا أن السنة من حيث ورودها قد تكون قطعية وقد تكون ظنية أما من جهة دلالتها على الأحكام؛ فقد تكون ظنية أو قطعية، فهي كالقرآن من هذه الجهة من حيث الدلالة على الأحكام، فتكون الدلالة ظنية إذا كان اللفظ يحتمل أكثر من معنى أي: يحتمل التأويل، فإذا لم يحتمل التأويل تكون الدلالة قطعية، فمن القطعية قوله -صلى الله عليه وسلم-: ((في خمس من الإبل شاة)). فلفظ خمس يدل دلالة قطعية على معناه، ولا يحتمل غيره، فيثبت الحكم لمدلول هذا اللفظ، وهو وجوب إخراج شاة زكاة عن هذا المال.
ومن الظنية قوله -عليه الصلاة والسلام-: ((لا صلاة إلا بفاتحة الكتاب)) فهذا حديث يحتمل التأويل، فيجوز أن يحمل على أن الصلاة لا تكون صحيحة مجزية إلا بفاتحة