القول الأول: إن السنة التي رواها العدل الثقات بأن توافر في الراوي شروط قبول روايته حسبما يشترط أصحاب هذا القول، على اختلاف فيما بينهم في هذه الشروط، واتصل سند الرواية بالرسول -صلى الله عليه وسلم، ففي هذه الحالة يجب العمل بهذه السنة واستنباط الأحكام منها، وعدها مصدرًا للتشريع، وهذا قول الحنابلة والشافعية والظاهرية والجعفرية، وبعض الفقهاء من المذاهب الأخرى، أما إذا لم يتصل السند بأن سقط من سلسلة الرواة الصحابي الذي روى الخبر عن الرسول -صلى الله عليه وسلم- وهو المُسمى بالحديث المرسل؛ فقد اختلف أصحاب هذا القول في وجوب العمل به، فعند الظاهرية لا يكون حجة ولا يجب العمل به، ومذهب الشافعي الأخذ به بشروط منها: أن يكون من مراسيل كبار التابعين كابن المسيب، وأن يسند من جهة أخرى، أو يوافق قول الصحابي، أو يفتي بمقتضاه أكثر العلماء.

ومذهب أحمد بن حنبل الأخذ بالمرسل والعمل به إذا لم يكن في الباب حديث متصل السند، فعند الإمام أحمد الحديث الضعيف أحسن من الأخذ بالرأي.

القول الثاني: وأصحابه لم يكتفوا بكون الرواة عدولًا ثقاة، وإنما اشترطوا شروطًا أخرى لا تتعلق بسند الرواية، وإنما تتعلق بأمور أخرى حتى يترجح عندهم جانب صحة الحديث، ونسبته إلى الرسول -صلى الله عليه وسلم- وأصحاب هذا القول هم المالكية والحنفية، ونذكر فيما يلي بإيجاز شديد أهم شروطهم.

أولًا: شروط المالكية لقبول سنة الآحاد: اشترط المالكية لقبول خبر الآحاد عدم مخالفته لعمل أهل المدينة، والحجة في ذلك عندهم أن عمل أهل المدينة بمثابة السنة المتواترة؛ لأنهم ورثوا العمل عن أسلافهم عن الرسول -صلى الله عليه وسلم- فكأن عملهم بمنزلة الرواية والسنة المتواترة، والمتواتر يتقدم على خبر الآحاد، وعلى هذا الأساس لم يأخذ الإمام مالك بحديث: ((المتبايعان بالخيار حتى يتفرقا))،

طور بواسطة نورين ميديا © 2015