ثانيًا: تواتر عن الرسول -صلى الله عليه وسلم- إرسال أمرائه وقضاته ورسله وسُعاته إلى الآفاق، وهم آحاد، ولا يرسلهم إلا لقبض الصدقات، وحل العهود وتقريرها، وتبليغ أحكام الشرع، وكان -صلى الله عليه وسلم- يلزم أهل النواحي قبول قول من يرسلهم إليهم، ولو لم يكن خبر الواحد حجة لما أمرهم بذلك.

ثالثًا: إنّ العامي بالإجماع مأمور باتباع المفتي وتصديقه مع أنه ربما يُخبر عن ظنه، فالذي يُخبر بالسماع عن النبي -صلى الله عليه وسلم- الذي لا يشك فيه أولى بالتصديق والقبول والعمل بموجب خبره.

رابعًا: إننا مأمورون بالحكم بشهادة اثنين مع أنّ هذه الشهادة تحتمل الكذب، فلو كان العمل بها لا يجوز إلا بانتفاء احتمال الكذب بصورة قاطعة لما عملنا بها، فإذا وجب العمل بالشهادة مع احتمالها الكذب، فلأن يجب العمل برواية الآحاد عنه -صلى الله عليه وسلم- أولى.

خامسًا: إجماع الصحابة في حوادث لا تُحصى على قبول خبر الواحد والعمل به، فأبو بكر مثلًا أعطى الجدة السدس؛ لورود الخبر بذلك، وعمر بن الخطاب ورَّث المرأة من دية زوجها لورود السنة بذلك وهي سنة آحاد، وأخذ الجزية من المجوس بسنة آحاد أيضًا، وهكذا فعل الصحابة الآخرون فيما بلغهم من أخبار الآحاد.

ولكن، ما هي شروط العمل بسنة الآحاد؟

الجواب: أجمع المسلمون على أن سنة الآحاد حجة على الجميع يلزم اتباعها، وأنها من مصادر التشريع، إلا أنهم اختلفوا في الشروط اللازمة لذلك أي: في شروط وجوب العمل بها، واستنباط الأحكام منها، ويمكن رد اختلافهم إلى قولين:

طور بواسطة نورين ميديا © 2015