أولًا: أنواع السنة من حيث ماهيتها، السنة من حيث ماهيتها أي: ذاتها تنقسم إلى ثلاثة أقسام: سنة قولية، وسنة فعلية، وسنة تقريرية. أما السنة القولية: فهي أقوال الرسول -صلى الله عليه وسلم- التي قالها في مناسبات مختلفة، وأغراض شتى، وهي التي يُطلق عليها اسم الحديث عادة؛ فإذا أطلق هذا الاسم الحديث تبادر إلى الفهم أن المقصود به السنة القولية.

فالسنة بهذا الاعتبار مرادفة للفظ الحديث، ويكون الحديث أخص من السنة بمعناها العام، ومع هذا فإن بعض العلماء يجعل معنى الحديث ما أُثر عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أي: نسب إليه من قول أو فعل أو تقرير، وبهذا المعنى يكون لفظ الحديث مرادفًا للفظ السنة بمعناها العام، وبهذا الاعتبار سمى الإمام البخاري كتابه الشهير بالصحيح من الحديث، مع أنه اشتمل على ما نُسب إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- من أقوال وأفعال وتقريرات.

والسنة القولية كثيرة جدًّا: "العمد قود"، "لا ضرر ولا ضرار"، "من رأى منكم منكرًا فليغيره بيده فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه، وذلك أضعف الإيمان"، وأقوال النبي -صلى الله عليه وسلم- إنما تكون مصدرًا للتشريع إذا كان المقصود بها بيان الأحكام أو تشريعها، أما إذا كانت الأقوال في أمور دنيوية بحتة لا علاقة لها بالتشريع ولا مبنية على الوحي؛ فلا تكون دليلًا من أدلة الأحكام، ولا مصدرًا تستنبط منه الأحكام الشرعية، ولا يلزم اتباعها ومن ذلك ما هو مشهور أن النبي -صلى الله عليه وسلم- رأى قومًا في المدينة يؤبّرون النخل فأشار عليهم بتركه، ترك التأبير والتلقيح؛ ففسد الثمر ولم يؤت أكله، فقال لهم: أبروا، "أنتم أعلم بأمور دنياكم". فإشارته عليهم بترك التأبير كان مجرد رأي دنيوي لم يكن من عند الله -عز وجل- فلما لم يؤت النخل أكله قال لهم: "أبروا أنتم أعلم بأمور دنياكم". إذن أقواله -صلى الله عليه وسلم- إنما تكون مصدرًا

طور بواسطة نورين ميديا © 2015