للنبي -صلى الله عليه وسلم- {وَإِنَّهُ لَذِكْرٌ لَكَ وَلِقَوْمِكَ وَسَوْفَ تُسْأَلُونَ} (الزخرف: 44)، وقال للقوم أنفسهم: {لَقَدْ أَنْزَلْنَا إِلَيْكُمْ كِتَابًا فِيهِ ذِكْرُكُمْ أَفَلَا تَعْقِلُونَ} (الأنبياء: 10)، اقرءوا القرآن فإنه يهدي للتي هي أقوم في كل أمر من الأمور، وكل مسألة من المسائل وكل مشكلة من المشاكل، اقرءوا القرآن فإنه عزكم وشرفكم، وبه يتم سؤددكم، لقد ساد السلف الصالح الدنيا كلها حين قبلوا كتاب ربهم، واستمسكوا به وجعلوه أمامهم فقادهم إلى الخير والبر، والنجاح والفلاح؛ فلما نبذ الخلف كتاب ربهم وراء ظهورهم تداعت عليهم الأمم كما تتداعى الأكلة إلى قصعتها، فاقرءوا القرآن يا أمة القرآن، فلن تزالوا على الهدى ما قرأتم القرآن، وتمسكتم به، كم أخبركم بذلك نبيكم -صلى الله عليه وسلم- ((تركت فيكم شيئين لن تضلوا بعدهما كتاب الله وسنتي)).

وعليك أيها الداعية، إن كنت قد أتممت القرآن حفظًا أن تتاعهده بالمراجعة حتى لا يتفلت من صدرك، وإن كنت لم تتمه فعليك أن تجتهد في إتمامه؛ فإنه سلاحك الأول، والمصدر الأول الذي تستمدّ منه مادة دعوتك، ولأن تنجح في دعوتك حتى يكون القرآن في صدرك وأنت على المنبر كما لو كان في يدك تتناول منه ما تشاء، وتستدل به على ما تشاء، لا تردد، ولا تتلعثم، ولا تقف عند آية تريد أن تستدل بها، ولا تستطيع أن تأتي بها.

ثم اعلم -بارك الله فيك- أنك كداعية ينبغي عليك أن تكون متخلق بأخلاق القرآن، ومتأدب بآدابه متأسيًا بالنبي -صلى الله عليه وسلم- فقد سُئلت أمنا عائشة -رضي الله عنها- عن خلق رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقالت: ((كان خلقه القرآن))، وتذكر أنه يجب عليك ما لا يجب على العامة، ولذلك قال ابن مسعود -رضي الله عنه- ينبغي لحامل القرآن أن يعرف بليله إذ الناس نائمون، وبنهاره إذ الناس مفطرون، وبحزنه إذ الناس

طور بواسطة نورين ميديا © 2015