يدل على ذلك ما رواه الطبراني عن مسعود بن زيد قال: كان عبد الله بن مسعود يقرئ رجلًا فقرأ الرجل: {إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا} فخطف المد في "الفقراء" فلم يُشبع المد كما ينبغي، فقال ابن مسعود: ما هكذا أُقرِئتُها ثم تلاها مرة أخرى: {إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا} (التوبة: 60) ومدَّ "الفقراء" المد اللازم المعروف.
فاحذر أيها المتعلم أن تأخذ القرآن من المصحف، أو من الأشرطة دون تصحيح على أهل القرآن المتخصصين؛ فإن ذلك يعرضك للخطأ ولقد عرف أعداء الأمة أن هذا القرآن هو سر بقائها، وسبب فوزها، فعملوا جادين على فصل المسلمين عن القرآن وعزله عن حياتهم، وكادوا يظفرون بما يؤملون فقل الحفظة، وصدق فيهم قول القائل:
وقد كانوا إذا عُدوا قليلًا ... فصاروا اليوم أقل من القليل
وسادت الأمية من حيث القرآن وقراءته كثير من المثقفين والمتعلمين بحيث أنك ترى الرجل يحمل الشهادات العليا، وهو لا يحسن يقرأ القرآن، وصارت المصاحف تتخذ في البيوت لمجرد البركة فقط، أما التلاوة أما التدبر أما التفسير أما استخراج الأحكام؛ فهذا له رجال هكذا ظنوا، ولذلك قلت البركة والرحمة في البيوت، وغابت عنها الملائكة، وسكنتها الشياطين، وعادت شكوى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- تئنّ من جديد: {وَقَالَ الرَّسُولُ يَا رَبِّ إِنَّ قَوْمِي اتَّخَذُوا هَذَا الْقُرْآَنَ مَهْجُورًا} (الفرقان: 30).
فاقرءوا القرآن يا أمة القرآن فإنه يأتي يوم القيامة شفيعًا لأصحابه، كما النبي -صلى الله عليه وسلم- اقرءوا القرآن فإنه روح لكم في السماء، وذكر لكم في الأرض قال الله تعالى