تؤثر الخطب البليغة والعبارات المنمّقة؛ ولذلك قيل: عمل رجل في ألف رجل خير من قول ألف رجل في رجل.
فعلى الدعاة أن يكونوا عمليين أكثر منهم قوّالين، حتى تثمر دعوتهم وتؤتي أكلها كل حينٍ بإذن ربها، وعليهم أن يجعلوا بيوتهم قبلة، يؤمها القاصدون يجدون فيها الإسلام حيًّا يتحرك ممثلًا في الزوجة والأولاد والآباء والأحفاد والخدم والأتباع، وعليهم أن يعلموا أن أي تقصير في تطبيق ما يدعون إليه يجعلهم عُرضة للقيل والقال والسخرية والاحتقار، ثم لا يكون لدعوتهم أيّ أثر في القلوب.
من أجل هذا كان إنكار القرآن الكريم على الذين تخالف أفعالهم أقوالهم، إنكارًا عظيمًا، وكانت التنديد بهم مقرعًا وعنيفًا، يقول الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لَا تَفْعَلُونَ * كَبُرَ مَقْتًا عِنْدَ اللَّهِ أَنْ تَقُولُوا مَا لَا تَفْعَلُونَ} (الصف: 2، 3) ويقول سبحانه: {أَتَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ وَتَنْسَوْنَ أَنْفُسَكُمْ وَأَنْتُمْ تَتْلُونَ الْكِتَابَ أَفَلَا تَعْقِلُونَ} (البقرة: 44)، ومن أجل هذا أخبر الصادق المصدوق -صلى الله عليه وسلم- أن الذين يقولون ما لا يفعلون في عذابٍ شديد يوم القيامة، ففي الحديث عنه -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: ((أتيت ليلة أسري بي على قومٍ تقرض شفاههم بمقاريض من نار، فقلت: من هؤلاء يا جبريل؟ قال: خطباء أمتكم الذين يقولون ما لا يفعلون، ويقرءون كتاب الله ولا يعملون به))، وروى الشيخان عن أسامة بن زيد -رضي الله عنه- قال: سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: ((يُؤتى بالرجل يوم القيامة، فيلقى في النار فيقولون: يا فلان ما لك ألم تكن تأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر؟ فيقول: بلى، كنت آمر بالمعروف ولا آتيه وأنهى عن المنكر وآتيه)).