لفظه من الله فهو الأحاديث، وإن كانت من الشرع الموحى به إلا أن لفظها من النبي -صلى الله عليه وسلم، ويمكن أن تُروى بالمعنى.

إن الإسلام لا يريد أن يبدّد طاقة العقل دونما فائدة، ولا يريد أن يزجّ بالعقل في مجالات من البحث هي فوق قدراته، مما يجعله يتخبط ولا يصل إلى علم صحيح؛ ولذلك حظر الإسلام على العقل جوانب من المعرفة؛ لأنها فوق طاقته مثل البحث في كُنه الذات العلية أو البحث في كنه عوالم الغيب أو البحث في حقيقة الروح أو البحث في موعد قيام الساعة، والعلماء يقولون: العلم قسمان: ما يقع تحت إدراك العقل، وما لا يقع تحت إدراكه، أو يقولون: العلم قسمان: علم غيب وعلم شهادة، كما قال الله تعالى عن نفسه: {عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ} (التغابن: 18).

أولًا: علم الغيب: وله صورتان، علم غيب مطلق وهو ما استأثر الله بعلمه ولم يطلع عليه أحدًا من خلقه، فلا سبيل إلى أن يدركه العقل أو يقف عليه البتة، وذلك مثل ما لله من كمالات وأسماء لم يوحها لأحد من خلقه، أو كعلم الساعة واليوم الآخر على نحو قوله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ وَيُنَزِّلُ الْغَيْثَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْأَرْحَامِ وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ مَاذَا تَكْسِبُ غَدًا وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ} (لقمان: 34).

القسم الثاني: علم غيب نسبي، وهو ما أطلع الله عليه بعض خلقه؛ وذلك لأن الإنسان يعلم ويجهل ويذكر وينسى، وقد فضّل الله بعض الناس على بعض، وفوق كل ذي علم عليم، وأئمة الناس في هذا المقام الأنبياء والمرسلون، الذين اصطفاهم الله تعالى وأوحى إليه وأمرهم بالبلاغ عنه حتى يبصر الناس ويتعلموا، وهذا مقام فسيح جدّا بحيث يشمل كل الناس شريطة أن يكون له أصل ويقين، فمتى التمس الإنسان أسبابه حصّله؛

طور بواسطة نورين ميديا © 2015