الأعراض لا من قبيل الجواهر، وهذا العقل في الأصل مصدر عقل يعقل عقلًا، وهذا مثل لفظ السمع فإنه في الأصل مصدر سمع يسمع سمعًا، وكذلك البصر، ثم يعبر بهذه الألفاظ عن القوى التي يحصل بها الإدراك، فيقال للقوة التي في العين بصر، والقوة التي يكون بها السمع به سمع، وبهذين الوجهين يفسّر المسلمون العقل.
العلاقة بين العقل والنقل أساس منهج الاستدلال على مسائل الاعتقاد عند أهل السنة هو اشتراط أن يكون الاستدلال شرعيًّا في دلائله، كما يكون شرعيًّا في مسائله، وأنه كما لا يمكن وجود مسألة اعتقادية ليس لها دليل شرعي، فكذلك لا يمكن وجود مسألة اعتقادية لا تكون نصوص الكتاب والسنة كافية في الدلالة عليها، والمسائل الاعتقادية إما أن تكون خبرية بحيث لا يمكن الاستدلال عليها إلا من جهة ورود النص بها، وإما أن يكون الاستدلال عليها ممكنًا بالعقل، لكن لا بد مع ذلك ورود النص عليها واشتماله على الدلالة العقلية، ومستند التسليم بالمسائل الخبرية هو اليقين بأن ما أخبر به النبي -صلى الله عليه وسلم- مما أوحاه الله إليه لا بد أن يكون حقًّا للدلائل القاطعة على نبوته، وأنه معصوم فيما يبلغه عن الله تعالى عن أن يقول ما هو باطل، وكذلك المسائل الاعتقادية التي يمكن أن يُستدل عليها بالعقل، فإن التسليم بها مع كونه هو مقتضى تصديق النبي -صلى الله عليه وسلم- كالمسائل الخبرية، إلا أن نصوص الكتاب والسنة لا بد أن تتضمن الدلالة العقلية عليها؛ إذ ليست تلك النصوص أخبارًا محضة، بل هي أدلة نقلية عقلية.