عن اجتماع العقيدة والشريعة والمنهج والسيرة والتاريخ، والأسلوب العملي الأمثل لتحقق البصيرة، وبذلك كله يكتمل بيان هذا العلم، وبهذه الهيئة الاجتماعية المركبة من عناصر علوم مختلفة يُغاير هذا العلم ما عداه من العلوم والفنون وتظهر شخصيته المتميزة، فلا يغنى عنها بتخصصها الدقيق ولا تغني عنه في مجاله لشموله واتساع نطاقه وتميزه بهذه الهيئة المركبة الجامعة، إذ ليس هذا العلم علم عقيدة أو شريعة أو مجرد طريقة وأسلوب في الدعوة أو دراسة في تاريخ وواقع وبيئة الدعوة زمانًا ومكانًا، أو معرفة بمهارات الإدارة وفنون الاتصال، وإنما هو ما يجتمع ويتألف من ذلك كله، فهو علمٌ ذو شخصية متميزة، وعلى ذلك فإن علاقته بغيره من العلوم هي العموم والخصوص الوجهي، فهو أعم من جهة كثرة موارده وروافده وعلاقاته، وأخص من جهة ميدانه إلا وهو الدعوة والتربية.

وثمرة علم أصول الدعوة ثمرةٌ عظيمة، هذه الثمرة تتصل بالدين وبالمجتمع وبالدعوة وبالدعاة؛ أما بالنسبة للدين: فثمرة علم أصول الدعوة إقامة الدين، وذلك بالعمل على تطبيق الشريعة الإسلامية وبسط سلطانها واستئناف الحكم بها والتحاكم إليها، والموازنة بين مختلف المصالح في هذا السبيل، واتخاذ المواقف المناسبة من المنكرات القائمة دفعًا أو تقليلًا مع النظر إلى العواقب والمآلات، وتقويم الفكر المنحرف ودحض العقائد والأفكار الزائفة، ومحاربة الزيغ عن الصراط المستقيم في شتى صوره.

أما بالنسبة للمجتمع المسلم: فثمرة هذا العلم له هي العمل على استفاضة البلاغ في الأمة والمجتمعات الإسلامية، ونشر العلم بين أبنائها وإظهار السنة وقمع البدع، وترشيد السعي لتحرير مقدسات الإسلامية، وإشعال روح الجهاد وبعث

طور بواسطة نورين ميديا © 2015