وقد تواكب مع هذا الاتجاه اتجاه آخر يُعنى بمقارنة الأديان والرد على المخالفين في أصل الدين، ككتاب (الجواب الصحيح لمن بدَّل دين المسيح) لابن تيمية، و (هداية الحيارى) لابن القيم.

إلا أن نقل نوعية ضخمة في التصنيف هذا العلم -علم أصول الدعوة- قد وقعت بتنحية الشريعة وإسقاط الخلافة في العصر الحديث، ومع محاولات الدعاة والمصلحين لاستئناف الحياة الإسلامية الحقَّة جدَّت لهذا العلم مداخل وروافد عديدة، وصلته بالسياسة الشرعية تارة وبالفقه وأحكام النوازل تارة وبعلوم الحياة ووسائل الاتصال والتعبير تارة أخرى، وبدأ علم أصول الدعوة يتناول بهذا الاسم، وتكتب فيه كتب ودراسات وتعدّ في تأصيله مداخل، وتدرس الدعوة من مختلف جوانبها فقهًا وتاريخًا ومنهجًا وخططًا ووسائل وأساليب، كما سيلمح هذا جليًّا في المجموع المنتقاة من كتب الدعوة التي سنذكرها في آخر درسنا هذا إن شاء الله تعالى.

روافد علم أصول الدعوة، ونسبته، وثمرته، ومسائله، ومصادره

وكل علم من العلوم له مصادر وروافد تمدّه بمددها، وعلم أصول الدعوة له كذلك مصادر وروافد، تمتدّ ليشمل ما يحيط بتبليغ رسالة الإسلام للبشر عامة وتعليم وتربية المستجيبين كافة، وتحقيق التمكين لهذا الدين خاصة، فيستمدّ مادته من العلوم الشرعية إضافةً إلى ما في الماضي والحاضر من تجارب ودعوات وما في الواقع من أسباب ووسائل ومحاولات، وما في النفس البشرية من نزعات وتوجهات، والإحاطة بهذه الروافد العديدة يمكن أن يتناول على النحو الآتي:

طور بواسطة نورين ميديا © 2015