ولا يفوت في هذا المقام أن نؤكد على أن تعلم هذا العلم -علم أصول الدعوة- من أعظم سُبل الوحدة والائتلاف، ونبذ الفرقة والاختلاف، ومن أعظم أسباب صلاح ذات البين، وما قد يوجد من مظاهر الفرقة والتخالف بين الدعاة مردّه إلى أمور كثيرة؛ من أهمها غيابُ أو ضعف العلم الشرعي الأصيل، وكذا علم أصول الدعوة وفقه ممارستها، وخفوت نور الربانية في الصدور وضعف التحقق بالأخلاق النبوية والشمائل السلفية، فلا غنى عن غلبة روح التأصيل العلمي، والتفريق بين المقبول والمردود من الخلاف والمحكم والمتشابه من النصوص والقطعي من الظني من الدلالات.

نشأة علم أصول الدعوة، والمراحل التي مر بها

أما عن نشأة هذا العلم علم أصول الدعوة والمراحل التي مر بها، فإن مفردات هذا العلم قديمة قدم الدعوة، لم ينفك علم الدعوة عن عملها في منهج الأنبياء صلوات الله وسلامه عليهم، وما زال علم الدعوة وعملها عبادة يتقرّب بها الدعاة إلى الله تعالى جيلًا بعد جيل، ولما قام عبد الله ورسوله -صلى الله عليه وسلم- يدعو إلى الله تاليًا آياته ومعلمًا أحكامه ومزكيًا أتباعه؛ تخرّج أصحابه في مدرسته وتفقهوا بعلمه وتأدبوا بأدبه، وأنجز الله لهم وعده؛ فأظهر دينه وأعلى كلمته وأعز أهله واقتفى التابعون ومن بعدهم آثار الأسلاف، فنشروا الإسلام وبلغوا فيه كل مبلغ، فكانت كل الجهود مصروفة إلى حفظ العلم وإتقان العمل.

وعندما بسط الإسلام نوره على الدنيا ودانت له الأرض اتجهت العلوم وجهة التأصيل والتقعيد، وكان علم الدعوة أبوابًا منثورة في كتب السنة ودواوينها حينًا وفي كتب التفسير وشروحها حينًا وفي كتب السير والتاريخ والتراجم أحيانًا

طور بواسطة نورين ميديا © 2015