أسمائه وصفاته وأفعاله وأحكامه، وجعل أشرف مراتب الناس بعدهم مرتبة خلافتهم ونيابتهم في أممهم بأنهم يخلفونه على مناهجهم وطريقهم من نصيحتهم للأمة، وإرشادهم الضال، وتعليمهم الجاهل، ونصرهم المظلوم، وأخذهم على يد الظالم، وأمرهم بالمعروف وفعله، ونهيهم على المنكر وتركه.

والدعوة إلى الله بالحكمة للمستجيبين والموعظة الحسنة للمؤمنين الغافلين، والجدال بالتي هي أحسن للمعاندين المعرضين. وإذا كان طلب العلم محمودًا ومعدودًا في سبيل الله- فإن طلب العلم الذي يتوقف عليه تبليغ الدين وإقامته من أعظم الجهاد، كما قال صلى الله عليه وسلم: ((أفضل الجهاد كلمة حق عند سلطان جائر))، وإذا كان دعاء النبي -صلى الله عليه وسلم- وأهل السموات والأرض للدعاة عمومًا فإن الدعاة الذين نفروا ليتفقهوا في أصول الدعوة هم في الطليعة من هذا الخير، فهم أحسن الدعاة قولًا وأصلحهم في المسلمين عملًا، وإذا كان جهاد الدعوة بالكلمة له فضل كبير فإنه لا يدرك أمانة الكلمة ولا فقهها مثل الدعاة العلماء بهذا العلم النفيس، قال الله -عز وجل-: {وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلًا مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحًا وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ} (فصلت: 33) أولئك والله هم الأقلون عددًا والأعظمون عند الله قدرًا، ليحفظ الله بهم حججهم وبيناته حتى يودعوها نظراءهم ويزرعوها في قلوب أشباههم، هجم بهم العلم على حقيقة البصيرة، وباشروا روح اليقين واستلانوا ما استوعره المترفون، وأنسوا بما استوحش منه الجاهلون، وصحبوا الدنيا بأبدان متعلقة بالمحلّ الأعلى، أولئك خلفاء الله في أرضه والدعاة إلى دينه.

وإذا كانت الدعوة إلى الله من أشرف الأعمال عند الله، فإن علم أصولها من أشرف العلوم وأنفعها للداعي والمدعو على حد سواء، وكل فضلٍ ثبت للدعاة عمومًا فأرباب والبصيرة بأصول الدعوة وفقهها به أولى وأحرى، قال الله تعالى: {يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ} (المجادلة: 11).

طور بواسطة نورين ميديا © 2015