القيس: ((إن فيك خصلتين يحيبهما الله تعالى: الحلم، والأناة)) قال: يا رسول الله، أنا أتخلق بهما أم الله جبلني عليهما؟ قال: ((بل الله جبلك عليهما)) فقال: الحمد لله الذي جبلني على خصلتين يحبهما الله تعالى ورسوله، وفي الحديث: أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: ((إنما العلم بالتعلم، وإنما الحلم بالتحلم)) فكما أن الإنسان يُولد غير عالم كما قال ربنا سبحانه: {وَاللَّهُ أَخْرَجَكُمْ مِنْ بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ لَا تَعْلَمُونَ شَيْئًا وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَالْأَفْئِدَةَ} (النحل: 78) يعني: لتتعلموا، فمن تعلم صار عالمًا، كذلك من كانت أخلاقه رديئة فإنه يستطيع أن يتخلَّى عنها، ومن كان يفقد الأخلاق الجيدة فإنه يستطيع أن يتخلق بها بالتمرين والتدريب.
وهناك وسائل يستطيع الإنسان أن يستعملها لتقويم أخلاقه؛ منها العلم، ومنها الاهتمام الكامل بتقوية معاني العقيدة الإسلامية في النفس، وعلى رأس هذه المعاني الإيمان بالله والإيمان باليوم الآخر، ومنها مباشرة الأعمال الطيبة التي جعلها الله تعالى وسيلة لتقويم الأخلاق، ومنها ترك الأعمال الخبيثة الفاسدة التي تفسد الأخلاق، ومن أهمها الدعاء بحسن الخلق، لما سبق أن النبي -صلى الله عليه وسلم- كان يقول: ((اللهم كما حسنت خلقي حسن خلقي))، ((اللهم اهدني لأحسن الأخلاق لا يهدي لأحسنها إلا أنت، واصرف عني سيئها لا يصرف عني سيئها إلا أنت))، ومنها مخالطة المؤمنين ذوي الأخلاق الحسنة ومجالستهم والسماع منهم، فإن الطبع يسرق من الطبع والصاحب ساحب؛ ولذلك قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: ((لا تُصاحب إلا مؤمنًا ولا يأكل طعامك إلا تقي))، ومنها ترك البيئة الفاسدة وترك صحبة الأشرار ذوي الأخلاق الفاسدة؛ لأنهم سيؤثرون في الذي يصحبهم، ومنها اتخاذ القدوة الحسنة وخير القدوة على