الخسيسة؛ ولهذا لا مكان في مفاهيم الأخلاق الإسلامية للمبدأ الخسيس الذي يقول: الغاية تبرّر الوسيلة وهو مبدأ انحدر إلينا من ديار الكفر، يدل على ضرورة مشروعية الوسيلة ومراعاة معاني الأخلاق فيها قول ربنا: {وَإِنِ اسْتَنْصَرُوكُمْ فِي الدِّينِ فَعَلَيْكُمُ النَّصْرُ إِلَّا عَلَى قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِيثَاقٌ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ} (الأنفال: 72)، فهذه الآية الكريمة تُوجب على المسلمين نصرة إخوانهم المظلومين قيامًا بحق الأخوة في الدين، ولكن إذا كانت نصرتهم تستلزم نقض العهد مع الكفار الظالمين لم تجز النصرة؛ لأن وسيلتها الخيانة ونقض العهد، والإسلام يمقت الخيانة ويكره الخائنين.
وأخيرًا، هل يمكن اكتساب الأخلاق وتقويمها؟
والجواب: نعم، إن الأخلاق من حيث الجملة يمكن تقويمها وتعديلها كما يمكن اكتساب الجيد منها والتخلي عن قبيحها وبالعكس، والدليل على ذلك: أن الشرع أمر بالتخلق بالأخلاق الحسنة ونهى عن التخلق بالأخلاق الرديئة، فلو لم يكن ذلك ممكنًا مقدورًا للإنسان لما ورد به الشرع؛ لأن الإسلام لا يأمر بالمستحيل، ومن القواعد الأصولية في الفقه الإسلامي: لا تكليف إلا بمقدور، أو لا تكليف بمستحيل، والله -سبحانه وتعالى- قد أمر الإنسان بتزكية نفسه، والتزكية إنما تتمّ بالتخلي عن الأخلاق الدنيئة والتحلي بالأخلاق الحميدة، ومعنى ذلك: أن الإنسان قادرٌ على أن يتخلى عن الأخلاق الردئية ويتحلى بالأخلاق الجيدة الجميلة، قال تعالى: {وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا * فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا * قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا * وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا} (الشمس: 7 - 10).
وقد بيَّن النبي -صلى الله عليه وسلم- أن الأخلاق نوعان: أخلاق جبلية فطر عليها الإنسان، وأخلاق مكتسبة يستطيع أن يكتسبها؛ ففي الحديث أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال لأشج عبد