حفظه، وإذا كان متلبسًا بمنكر ارتياد الملاهي عوَّضَه بالسفرات البريئة، أو كان ميَّالًا إلى الرشوة أو التساهل في أكل مال الغير عوَّضه9 بزيادة أجرته أو راتبه، ونحو ذلك.
الفرع الثالث: التبليغ بالسيرة الحسنة
أهمية السيرة الحسنة:
759- من الوسائل المهمة جدَّا في تبليغ الدعوة إلى الله وجذب الناس إلى الإسلام، السيرة الطيبة للداعي وأفعاله الحميدة وصفاته العالية وأخلاقه الزاكية مما يجعله قدوة طيبة وأسوة حسنة لغيره، ويكون بها كالكتاب المفتوح يقرأ فيه الناس معاني الإسلام فيقبلون عليها ويتجذبون إليها؛ لأنّ التأثر بالأفعال والسلوك أبلغ وأكثر من التأثر بالكلام فقط.
760- إنَّ الإسلام انتشر في كثير من بلاد الدنيا بالسيرة الطيبة للمسلمين، التي كانت تجلب أنظار غير المسلمين وتحملهم على اعتناق الإسلام، فالقدوة الحسنة التي يحققها الداعي بسيرته الطيبة هي في الحقيقة دعوة عملية للإسلام، يستدل بها غير المسلم على أحقيّة الإسلام، وأنه من عند الله، لا سيما إذا كان سليم الفطرة سليم العقل.
761- ومن السوابق القديمة في أهمية السيرة الحسنة للداعي وأثرها في تصديقه، والإيمان بما يدعو إليه، أنّ خديجة بنت خويلد -رضي الله عنها- عندما أخبرها رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بما حدث له في غار حراء قالت له: "أبشر، والله لا يخزيك أبدًا، إنك لتصل الرحم وتصدق الحديث وتحمل الكل وتعين على نوائب الدهر -في أوصاف أخر جميلة عدتها من أخلاقه تصديقًا منها له وإعانة على الحق"1.
وروي أيضًا أنَّ أعرابيًّا جاء إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- فقال له: من أنت؟ قال: "أنا محمد بن عبد الله"؟ قال: الأعرابي أأنت الذي يقال عنك أنك كذَّاب؟ فقال: "أنا الذي يزعمونني كذلك"، فقال الأعرابي: ليس هذا الوجه وجه كذاب، وما الذي تدعو إليه؟ فذكر له رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ما يدعو إليه من أمور الإسلام، فقال له الأعرابي: آمنت بك وأشهد