2- {لَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحًا إِلَى قَوْمِهِ فَقَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ إِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ، قَالَ الْمَلَأُ مِنْ قَوْمِهِ إِنَّا لَنَرَاكَ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ} فالملأ بدلًا من رؤيتهم الحق الذي جاءهم به نوح رأوه ضلالًا، ونوره ظلامًا، وادَّعَوْا أنَّ هذا الضلال بيِّن، أي: ظاهر واضح، وهو في الحقيقة دليل على عماهم وعدم رؤيتهم الحق الذي أدَّى بهم إلى هذا الادعاء، وبالتالي إلى هلالكهم، قال تعالى مخبرًا عن عاقبتهم: {وَأَغْرَقْنَا الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا إِنَّهُمْ كَانُوا قَوْمًا عَمِينَ} 1.
3- وقال تعالى مخبرًا عن الملأ من قوم عادٍ وما قالوه لنبيهم هود: {قَالَ الْمَلَأُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَوْمِهِ إِنَّا لَنَرَاكَ فِي سَفَاهَةٍ وَإِنَّا لَنَظُنُّكَ مِنَ الْكَاذِبِينَ} ، والمقصود بالسفاهة الحمق وخِفَّة العقل، فالملأ من قوم عادٍ يرَوَن ما يدعوهم إليه نبيهم حمقًا وخِفَّة عقل، ولو كان عندهم بصر حديد لرأوا ما يدعوهم إليه هو الحق الصريح.
4- ما بيّنَه الله تعالى عن الملأ من قريش وكيف أنَّهم وصفوا دعوة الرسول -صلى الله عليه وسلم- بالكذب والاختلاق، قال تعالى مخبرًا عنهم: {مَا سَمِعْنَا بِهَذَا فِي الْمِلَّةِ الْآخِرَةِ إِنْ هَذَا إِلَّا اخْتِلَاقٌ} ، وكيف أنَّهم وصفوه بالسحر والجنون -قبَّحهم الله تعالى.
5- قال تعالى مخبرًا عن الملأ من قوم نوح: {فَقَالَ الْمَلَأُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَوْمِهِ مَا نَرَاكَ إِلَّا بَشَرًا مِثْلَنَا وَمَا نَرَاكَ اتَّبَعَكَ إِلَّا الَّذِينَ هُمْ أَرَاذِلُنَا بَادِيَ الرَّأْيِ وَمَا نَرَى لَكُمْ عَلَيْنَا مِنْ فَضْلٍ بَلْ نَظُنُّكُمْ كَاذِبِينَ} 2، فالملأ من قوم نوح يقولون: ما نراك اتبعك إلّا أراذل القوم -وهم الفقراء والضعفاء وأصحاب الحرف الخسيسة- ولم يتبعك السادة والأشراف، ولا القادة الرؤساء، فكيف نكون معهم ومثلهم في متابعتك؟ ثم يقولون: وهؤلاء الأراذل اتبعوك بلا إعمال فكر ولا روية، ولا تأمّل؛ لأنهم من الأراذل، لا من السادة والأشراف، ثم يضيفون إلى ذلك بأنَّهم لا يرون لرسول الله ولا لأتباعه أيّ فضل عليهم، ثم ينتهون إلى القول بأنه من الكاذبين. وهذا