اصول الدعوه (صفحة 377)

أنَّ الرسول -صلى الله عليه وسلم- كان يخرج إلى القبائل ويدعوها إلى الله تعالى، وكان يمشي وراءه أبو لهب وهو من أشراف قريش ويقول للناس: ".. فلا تطيعوه ولا تسمعوا منه"1.

وكذلك عندما خرج رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إلى الطائف واجتمع بنفرٍ منهم -وهم يؤمئذ سادة ثقيف وأشرافها- ردُّوه أقبح ردٍّ ولم يكتفوا بذلك، وإنما "أغروا به سفهاءهم وعبيدهم يسبونه ويصيحون به حتى اجتمع عليه الناس"2.

أسباب عداوة الملأ للدعوة إلى الله:

598- من التأمل في الآيات المسوقة في قصص الأنبياء وما جرى لهم مع أقوامهم، تظهر لنا أسباب مخاصمة الملأ للرسل الكرام وعداوتهم لهم ورفضهم دعوتهم، ومن أهمّ هذه الأسباب الكِبر الذي تغلغل في نفوسهم، وحبِّهم الرياسة والجاه، والجهالات التي حسبوها أدلة ويقينيات، ونتكلم فيما يلي عن كل سبب مع ما ورد بشأنه من آيات وآثار.

أولًا: الكبر

599- الكبر خلق ذميم وآفة عظيمة مستقِرَّة في النفس، وتظهر آثاره في الخارج بأشكال مختلفة، ومواقف متعددة، ومن آثاره: عدم رؤية الحق في غالب الأحيان، أو رؤيته ولكنَّ الكبر يمنع من الاعتراف به والانقياد له، كما يمنع الاعتراف بالفضل لأولي الفضل، ويمنع المتكبِّر من الرؤية الصحيحة لقدر نفسه، فيراها فوق أقدار الناس، فيستنكف أن يكون معهم، أو تابعًا لأحد منهم، وقد يقترن الحسد مع الكبر فيزيد من آثاره سوءًا وصدودًا عن الحق، وجحدًا له، ومحاربة لأهله، وعداوة لهم.

600- ومن الآيات الدالة على صفة الكبر في الملأ، وما أدَّت إليه من نتائج غاية في السوء والقبح، قوله تعالى:

1- {وَجَحَدُوا بِهَا وَاسْتَيْقَنَتْهَا أَنْفُسُهُمْ ظُلْمًا وَعُلُوًّا} ، ففرعون وقومه أنكروا نبوة موسى -عليه السلام، مع أنَّ نفوسهم أيقنت بها، وكان الحامل لهم على إنكارها ظلمهم وتكبُّرهم على موسى -عليه السلام.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015