اصول الدعوه (صفحة 371)

الناس دينهم، فإنَّ الخلق لا يولدون إلّا جهالًا، فلا بُدَّ من تبليغ الدعوة إليهم في الأصل والفرع"1.

لا يستهان بأيِّ إنسان:

592- لا يجوز للداعي أن يستصغر بشأن أيِّ إنسان أو أن يستهين به فلا يدعوه؛ لأنَّ من حق كل إنسان أن يدعى، وقد يكون هذا الذي لا يقيم له الداعي وزنًا سيكون له عند الله وزن كبير بخدمته للإسلام والدعوة إليه، وهكذا كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يدعو كل إنسان يلقاه أو يذهب إليه. جاء في السيرة النبوية أنَّ الرسول -صلى الله عليه وسلم- بعد أن عرض نفسه الكريمة على قبائل العرب التي وافقت الموسم في مكة، وكان ذلك قبل الهجرة بنحو ثلاث سنوات، ولم يستجب لهم منهم أحد، لقي ستة نفر من الخزرج عند العقبة من منى، وهم يحلقون رءوسهم، فجلس إليهم رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فدعاهم إلى الله، وقرأ عليم القرآن، فاستجابوا لله ولرسوله وآمنوا، ثم رجعوا إلى قومهم بالمدينة، وذكر لهم رسول الله -صلى الله عليه وسلم "ودعوهم إلى الإسلام ففشا فيهم، حتى لم يبق دار من دور الأنصار إلّا فيها ذكر رسول الله -صلى الله عليه وسلم"1، فرسول الله -صلى الله عليه وسلم- لم يستصغر شأن أولئك الستة وهم يحلقون رءوسهم بعد أن لم يستجب له أحد من القبائل النازلة حوالي مكة، ولم يقل في نفسه الكريمة: أيّ أمل في هؤلاء المشغولين بحلق رءوسهم، ثم إنَّ أولئك الستة كانوا هم الدعاة الأُوَل إلى الإسلام في المدينة، فعلى الداعي أن يقتدي بهدي رسول الله -صلى الله عليه وسلم، ولا يستهين بأحد فيزهد في دعوته، فقد يكون الخير الكثير على يد الذي لا يرى فيه خيرًا الآن.

واجبات المدعو:

593- وإذا كان من حق المدعو أن يؤتَى ويدعى، وأن لا يُسْتَهان به ولا يستصغر شأنه، فإنَّ عليه أن يستجيب إذا ما دعي إلى الله؛ لأنه يدعى إلى الخير والحق، ويستجيب لنداء ربه -جل جلاله، ومن بيان الواقع الذي قد يسفيد منه الداعي، ويطرد عنه اليأس، ويبقي أمامه الأمل، نقول: إنَّ الناس ليسوا سواء في

طور بواسطة نورين ميديا © 2015