جميعي، ما جاء في السنة النبوية، أنَّ النبي -صلى الله عليه وسلم- كان يأمر من يسلم بالتحوّل إلى دار الهجرة ليضمَّ جهده إلى جهود المسلمين، وتوجيهها التوجيه السليم من قِبَلِ رسول الله -صلى الله عليه وسلم.
كما أننا نجد في قوله تعالى: {وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ} 1 دليلًا آخر على مشروعية التجمع والدعوة الجماعية، بل ووجوبها إذا كان البِرُّ لا يمكن تحصيله بدون ذلك، وقد أشار الإمام أبو حنيفة على ما رواه الجصاص عنه، إلى ضرورة التجمع على الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وتوجيه الجهود الجماعية لتحقيق هذا المقصود.
شبهات واعتراضات:
514- قد يتوهم البعض أنَّ واجب الدعوة إلى الله لا يلزمه؛ لأنه ليس من رجال الدين، وإنَّ هذا الوجب واجب كفائي يجب على العلماء فقط لا على الجميع، بدليل قوله تعالى: {وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ} 2.
والجواب على ذلك: إنَّ تفسير هذه الآية الكريمة، كما نقلناه عن ابن كثير، الفقرة السابقة: "أن تكون فرقة من هذه الأمة متصدية لهذا الشأن وإن كان ذلك واجبًا على كل فرد من الأمة بحسبه". وجاء في تفسير الرازي بصدد هذه الآية في قوله تعالى: {مِنْكُم} قولان: أحدهما: إنَّ "من" ههنا ليست للتبعيض؛ لدليلين؛ الأول: إنَّ الله تعالى أوجب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر على كل الأمَّة في قوله: {كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ} ، الثاني: هو أنه لا مكلَّف إلَّا ويجب عليه الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، إمَّا بيده أو بلسانه أو بقلبه، ويجب على كل أحد دفع الضرر عن النفس، إذا ثبت هذا فنقول: معنى هذه الآية: كونوا أمَّة دعاة إلى الخير، آمرين بالمعروف، ناهين عن المنكر، وأمَّا كلمة "من" فهي هنا للتبيين لا للتبعيض كقوله تعالى: {فَاجْتَنِبُوا الرِّجْسَ مِنَ