اصول الدعوه (صفحة 292)

فعل، فقد يعزَّر الشخص بوعظه وتوبيخه والإغلاظ له، وقد يعزَّر بهجره وترك السلام عليه حتى يتوب أو يقلع عن معصيته، كما هجر النبي -صلى الله عليه وسلم- وأصحابه {الثَّلَاثَةِ الَّذِينَ خُلِّفُوا} ، وقد يعزَّر بعزله عن ولايته، كما كان النبي -صلى الله عليه وسلم- وأصحابه يعزِّرون بذلك، وقد يكون التعزير بالنفي عن الوطن أو بالحبس، أو بالضرب، وقد يعزَّر بتسويد وجهه. وقد يكون بالعقوبات المالية كما دلَّت على ذلك سنة النبي -صلى الله عليه وسلم، فقد أمر -عليه الصلاة والسلام- بكسر دنان الخمر وشق ظروفه، وأمره لهم يوم خيبر بإكفاء القدور التي طبخت فيها لحوم الحمر، وإتلاف هذا اللحم، ومثل هدمه لمسجد الضرار.

وكذلك فعل عمر وعليِّ -رضي الله عنهما، فقد أمرا بتحريق المكان الذي يباع فيه الخمر، مثل أخذ شطر مال مانع الزكاة، ومثل إراقة عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- اللبن المشوب بالماء المعَدِّ للبيع، وأخيرًا قد يكون التعزير بالقتل مثل قتل الجاسوس المسلم إذا تجسَّس للعدو على المسلمين، وهذا مذهب الإمام مالك وبعض الحنابلة1.

أكثر التعزير:

492- اختلف العلماء في أكثر التعزير على أقوال، الأوَّل: عشر أسواط، الثاني: دون أقلِّ الحدود، إما تسعة وثلاثون سوطًا، وإما تسعة وسبعون سوطًا، الثالث: إنَّه لا يقدر بذلك، ولكن إن كان التعزير فيما من جنسه مقدَّر لم يبلغ به ذلك المقدر، وإن زاد على حد جنس آخر مثل التعزير على سرقة دون النصاب لا يبلغ به قطع اليد، وأن ضرب السارق أكثر من حد القذف، والتعزير على فعل دون الزنى لا يبلغ حد الزنى، وإن جاز ضربه كثر من حد القذف، وهذا القول كما يقول ابن تيمية: أعدل الأقوال وعليه دلت سنة رسول الله -صلى الله عليه وسلم2.

493- وهل يجوز التعزير بالقتل؟ ذهب الإمام مالك إلى الجواز، ووافقه عليه طائفة من أصحاب أحمد بن حنبل والشافعي على ذلك من حيث الجملة، وإن اختلفوا في بعض الجزئيات، فعندهم يجوز قتل الداعية إلى البدع المخالفة للكتاب والسنة، أمَّا

طور بواسطة نورين ميديا © 2015