وقال ابن سينا في كتابه "القانون":
"وعلى المؤدب أن يبحث له عن صناعة، فلا يجبره على المعلم إذا كان غير ميال إليه، ولا يتركه يسير مع الهوس، إذ ليس كل صناعة يرومها الصبي ممكنة له، مواتية، لكن ما شاكل طبيعته، وناسبه، وأنه لو كانت الآداب والصناعات تجيب، وتنتقاد بالطلب دون المشاكلة والملاءمة، إذن ما كان أحد غفلًا من الأدب، وعاريًا من صناعته، وإذن لأجمع الناس على اختيار أشرف الصناعات"1.
2- الإسلام وهدف النمو:
توجيه الإسلام في جوانب التربية المختلفة:
يرى بعض علماء التربية وفلاسفتها المعاصرون، أن الهدف الأوحد للتربية هو النمو، نمو الإنسان من جميع النواحي العقلية والجسمية والروحية، والاجتماعية، ولكن معنى النمو يحتاج إلى إيضاح: هل النمو مجرد زيادة في الحجم، أو الوزن أو المعلومات والتصورات، أم هو تطور كيفي الأسلوب حياة الناشئ منذ الولادة حتى البلوغ؟ ولحركاته وتصرفاته وسلوكه؟
يجمع علماء التربية اليوم أن الزيادة الكمية وحدها ليست هي معنى النمو الذي تهدف إليه التربية، ولكنهم يختلفون في تطوير سلوك الإنسان.
أ- فبعضهم يرجعه إلى آليات وردود أفعال منعكسة، فيجعلون الإنسان كالمعمل الكبير، كلما ضغط على زر من أزراره تحركت آلة من آلاته، وكل آله تحرك التي تليها، حتى يصل الإنتاج إلى آخر مرحلة، فيخرج إلى يد المستهلك برادا، أو سيارة، أو مكيفا، إلخ.. وهكذ الإنسان كلما أثر فيه مؤثر خارجي سعى إلى تحقيق شهوة من شهواته.
وهؤلاء لا يحتاجون إلى كثير من النقاش، ولا يصمدون أما الاحتجاج بإرادة الإنسان، وتغير الاستجابة من إنسان إلى آخر، بحسب تربية كل إنسان وظروفه الحالية، أو آماله المستقبلة.