المبين، فيصبح واضح القصد موضحًا لمراده ومع ذلك، فهناك إشارات إلى فصاحة القرآن، وبيانه مثل قوله تعالى: {حم?، وَالْكِتَابِ الْمُبِينِ} [الزخرف: 43/ 1-2] وقوله جل من قائل: {بَلْ هُوَ آيَاتٌ بَيِّنَاتٌ فِي صُدُورِ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ وَمَا يَجْحَدُ بِآياتِنَا إِلَّا الظَّالِمُونَ} [العنكبوت: 29/ 49] ، وقال سبحانه: {لِسَانُ الَّذِي يُلْحِدُونَ إِلَيْهِ أَعْجَمِيٌّ وَهَذَا لِسَانٌ عَرَبِيٌّ مُبِينٌ} [النحل: 16/ 103] .
هـ- تربية العواطف الربانية: من خوف وخشوع، ورغبة ورهبة، وترقيق للقلب والمشاعر، فالقرآن ما يزال دائما يوقظ هذه العواطف، وقد يصف آثارها عند من يتلون القرآن حق تلاوته، قال تعالى: {اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَابًا مُتَشَابِهًا مَثَانِيَ تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ ذَلِكَ هُدَى اللَّهِ يَهْدِي بِهِ مَنْ يَشَاءُ} [الزمر: 39/ 23] .
ومن حسن تلاوة القرآن أنه إذا قرأ القارئ فيه دعاء دعا به، وإن قرأ تهديدًا أو عذابا، استعاذ بالله منه، وإن قرأ آيات تدل على عظمة الله خشع قلبه، واغرورقت عيناه بالدموع، وهؤلاء الذين يعملون بتعاليم القرآن بعد أن يرقق قلوبهم قد وصفهم الله تعالى بقوله: {الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَتْلُونَهُ حَقَّ تِلاوَتِهِ أُولَئِكَ يُؤْمِنُونَ بِهِ وَمَنْ يَكْفُرْ بِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ} [البقرة: 2/ 121] .
وقال سبحانه: {وَلِمَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ جَنَّتَانِ} [الرحمن: 55/ 46] .
ولا يكتفي القرآن بتربية العواطف المنظمة، بل يربي أيضا العواطف المرغبة التي تربي الأمل، والإقبال على العمل الصالح، ومحبة الله تعالى: {وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَتَّخِذُ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَنْدَادًا يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللَّهِ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَشَدُّ حُبًّا لِلَّهِ} [البقرة: 2/ 165] ، وقال سبحانه: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَنْ يَرْتَدَّ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلا يَخَافُونَ لَوْمَةَ لائِمٍ} [المائدة: 5/ 54] .
وقد بين الله في هذه الآية بعض الآثار العظيمة لمحبة الله، من تذلل للمؤمنين، وإظهار العزة في وجه الكافرين، والجهاد في سبيل الله.
وهكذا نجد في حسن تلاوة القرآن بقصد التربية بالقرآن، أنه يمكن تربية العقل على حسن التفكير، وتأمل آثار عظمة الله، وتربية المشاعر والعواطف بالخوف من الله