"ولك الآن يا أخي القاريء أن تعلل سر ظهور اللواط في بعض المجتمعات الأوروبية كالمجتمع الإنجليزي الذي أضاعت في المرأة أنوثتها، ففقدت بذلك قيمتها كمطلب سام، فاستغنى الرجال عنها بالرجال، وظهر الانحراف الجنسي وتفشى، وضاع المجتمع البريطاني، المجتمع الذي سيطر على بحار الدنيا في يوم من الأيام، لتصبح بريطانيا من الدرجة الثانية، ومن يدري فقد تصبح من الدرجة الثالثة، ثم الرابعة1.

كذلك من شأن هذه التربية المنحرفة، أعني إعداد الطفلة للاشتغال بأعمال الرجال، وإغراءها بذلك حتى يصبح مثلها الأعلى، أن يقلل عدد النساء المتصفات بالأنوثة الحقة، ويبرز دور الغانيات والمومسات في ملء الفراغ الحادث، ويزيد الطلب عليهم من الرجال حتى يرفعهن المجتمع لمرتبة القديسات، في الوقت الذي تضيع فيه القيمة الحقيقية للمرأة عموما، وهو ما أكد التاريخ حدوثه عند بداية انحدار اليونانيين من قمة حضارتهم، وذلك بعد تحرير المرأة بشكل يشبه دعوة هذا العصر، فانحلت الأسرة، وانطلق الشيطان سعيدا إذا عبد الناس شهواتهم، وانتصرت الغريزة، والدعارة على حسابها.

ولو حاولنا أن نستمر في تعداد مظاهر "الطفولة الضائعة"، وتوقع ما سيترتب عليها في هذا العصر لاحتجنا إلى مجلدات.. ولكن يكفي هذه الأمثلة أن ندرك أن هذه النظم التربوية لم تكن لتؤدي إلى خير الإنسانية وفلاحها، ما دامت قد بنيت على أسس فكرية، وعقائدية زائفة لا تنسجم مع الفطرة السليمة، ولا مع التفكير المنطقي الصحيح، ولما كانت تلك النظم قد انتشرت في عالمنا الإسلامي، وتمكنت من نفوس الشباب والمربين، وعقولهم وأخذت ثمراتها المرة تظهر لنا في الجيل الناشئ الذي فقد القوة والثقة بنفسه، ومال للانحدار والضياع الكاملين، فقد شعر الغيورون على مصلحة هذه الأمة بضرورة وضع منهج موضوعي حي، وفعال للتربية الإسلامية الحقة، عسى أن يرأب الصدع، ويسد الفراغ الذي يحسه الشباب المسلم في دوامة

طور بواسطة نورين ميديا © 2015