{وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آَدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلًا} [الإسراء: 17/ 70] .

{أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ سَخَّرَ لَكُمْ مَا فِي الْأَرْضِ وَالْفُلْكَ تَجْرِي فِي الْبَحْرِ بِأَمْرِهِ} [الحج: 22/ 65] .

فقد رزق الله الإنسان قدرة جعله بها يسيطر على ما حوله من الكائنات، وسخرها الله له، فمنعه من أن يدل نفسه لشيء منها، وجعله آمنا من كل المخاوف إزاء هذه الكائنات، بل أشعره بأنها طوع يده، سخرها لمصلحته، وهذه خطوة تربوية ربانية ينشيء بها القرآن الإنسان على الشعور بالكرامة وعزة النفس، ويشعره في الوقت ذاته بفضل الله، فإذا ركب شيئا مما سخر الله له كالطائرة والسيارة، وذكر قوله تعالى: {سُبْحَانَ الَّذِي سَخَّرَ لَنَا هَذَا وَمَا كُنَّا لَهُ مُقْرِنِينَ، وَإِنَّا إِلَى رَبِّنَا لَمُنْقَلِبُونَ} [الزخرف: 43/13-14] .

3- الإنسان مميز مختار:

ومما كرم الله به الإنسان، أن جعله قادرا على التمييز بين الخير والشر، فألهم الله النفس الإنسانية فجورها وتقواها، وغرس في جبلتها الاستعداد للخير والشر، وجعل عند الإنسان إرادة، يستطيع به أن يختار بين الطرق المؤدية للخير والسعادة، أو الطرق الموصلة إلى الشقاء، وبين له أن هدفه في هذه الحياة أن يترفع بنفسه عن سبل الشر، وأن يزكي نفسه، أي ينميها ويطهرها ويسمو بها، في وقت معا، نحو الفضيلة والاتصال بالله عز وجل.

قال تعالى: {وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا، فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا، قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا، وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا} [الشمس: 91/ 7-10] .

ولعن الله عز وجل قوما دعاهم غرورهم إلى أن يكذبوا بهذه الحقيقة، فزعموا أن النفس الإنسانية لا تطغى، قال تعالى في تمام الآيات السابقة:

{كَذَّبَتْ ثَمُودُ بِطَغْوَاهَا، إِذِ انْبَعَثَ أَشْقَاهَا، فَقَالَ لَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ نَاقَةَ اللَّهِ وَسُقْيَاهَا، فَكَذَّبُوهُ فَعَقَرُوهَا فَدَمْدَمَ عَلَيْهِمْ رَبُّهُمْ بِذَنْبِهِمْ فَسَوَّاهَا} [الشمس: 91/ 11-14] .

طور بواسطة نورين ميديا © 2015